السؤال
كان عندنا جارة تخرج أمام دارها بلباس منتشر هذه الأيام من النوع الذي يكشف أكتافها و أعلى ظهرها و صدرها و كانت مائلة للبياض و كنت أنظر إليها عندما تخرج ثم قررت الإقلاع عن ذلك ثم أتتني أفكار إن كانت هي لا تبالي فلماذا أحترمها أنا وعدت قليلا ثم قررت أن أتبع الآية (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير و أبقى)
أظن أن الآية تنطبق علي بحذافيرها (لا تمدن عينيك) و أنا كنت أنظر إليها (زهرة الحياة الدنيا) معنى شامل يشمل المرأة (لنفتنهم فيه) ما دام زوجها رضي بها فهو مفتون و بعيد عن الله.
هل هذا التفكير صحيح ؟ هل أستبشر ببقية الآية حول رزق من الله خير وأبقى؟ هل في الدنيا و الآخرة أم الآخرة فقط؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون{النور:30} وقال: ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا{الإسراء:32}، وعدم قربانه إنما يكون بترك ما يفضي إليه وقطع أسبابه من النظر المحرم والخلوة والخضوع بالقول وغيره، وقال صلى الله عليه وسلم: العينان تزينان وزناهما النظر ... فكان الواجب عليك أن تغض بصرك عن تلك المرآة المتبرجة فإن سفورها وعدم التزامها بما يجب عليها شرعا لا يبيح لك تعمد النظر إليها، فتب إلى الله عز وجل مما وقعت فيه، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق:2ـ3}.
وتنزيل الآية المذكورة على حالتك صحيح فالمرأة من زهرة الدنيا ومتاعها، وقد يكون زوجها رزقها فتنة له، فلا ينبغي التطلع إليها أو إلى غيرها مما رزقه الله لبعض عباده من متاع الحياة الدنيا؛ لأن ذلك مؤد إلى ازدراء نعمة الله على العبد وتسخطه من القضاء والقدر؛ ولذا قال أهل العلم: انظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا لتشكر نعم الله عليك، وانظر إلى من هو فوقك في العبادة لئلا يصيبك العجب بعبادتك، ولكي تزيد من الطاعات والقربات، وأصل ذلك من الأثر قوله صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم. في المسند والسنن. وذكر الطبري في تفسيره أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى ما عند السلاطين دخل داره وذكر هذه الآية: ولا تمدن عينيك....الآية.
وقال الشوكاني في تفسيره لتلك الآية: إن الله تعالى لما بين لرسوله صلى الله عليه سلم ما أنعم به عليه من هذه النعم الدينية نفره عن اللذات العاجلة الزائلة وأمره أن لا يطمح ببصره إلى زخارف الدنيا طموح رغبة فيها وتمن لها، وقول الله تعالى: ورزق ربك خير وأبقى. يشمل نعم الدنيا والآخرة؛ ولذا فسرها المفسرون بذلك، وبذلك قال بعضهم المقصود كتاب الله عز وجل الذي آتاه الله لنبيه والأولى حمل الآية على شمولها وعمومها لما رزقه عبده وينعم به عليه من نعم في الدنيا والآخرة.
فعلى العبد أن يبتغي ما عنده، ويشكر ما آتاه، ويسأله من فضله المزيد، ولا يتطلع إلى ما عند غيره تطلع تمن أو حسد. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 38409 .
والله أعلم.