السؤال
أرجو إجابتي على هذا السؤال لأنه شيء يحيرني كثيرا: وهو الحديث أو المقولة المشهورة: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. والذي يدل على رحمة الله الواسعة ومغفرته، ولكن ما لا أستطيع فهمه هو أنه هل هذا يعني أن الذي ارتكب ذنبا ثم تاب عنه يتساوى بمن جاهد نفسه ورفض معصية الله؟ فهل يستوي مثلا من زنا ثم تاب بمن حفظ نفسه وجاهدها؟ أرجو توضيح المقصود؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه العبارة لفظ حديث رواه ابن ماجة في سننه عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ومعناها أنه تمحى عنه ذنوبه فيكون كمن لم يفعل الذنب أصلا، وليس المراد بها أنه في الفضل بمنزلة من لم يفعل الذنب أصلا، وإن كان فاعل الذنب بعد التوبة قد يرجع إلى حال يكون فيه أفصل من حاله قبل التوبة، فقد يحدث له هذا الذنب من التوبة والندم والإكثار من الطاعة والاستغفار ما ينال به الزلفى عند الله تعالى.
قال المناوي في فيض القدير: وهو يشرح هذا الحديث: التائب من الذنب توبة مخلصة صحيحة كمن لا ذنب له لأن العبد إذا استقام ضعفت نفسه وانكسر هواه وتغيرت أحواله وساوى الذي قبله ممن لا صبوة له. قال الطيبي: هذا من قبيل إلحاق الناقص بالكامل مبالغة كما نقول زيد كالأسد، ولا يكون المشرك التائب معادلا بالنبي المعصوم. انتهى.
وقد بحث ابن القيم في كتابه طريق الهجرتين مسألة مهمة وهي أن العبد إذا كان له حال أو مقام مع الله ثم نزل عنه إلى ذنب ارتكبه ثم تاب من ذنبه هل يعود إلى مثل ما كان أو لا يعود بل إن رجع رجع إلى أنزل من مقامه وأنقص من رتبته أو يعود خيرا مما كان؟ ثم ذكر أقوال أهل العلم في ذلك، وهو مبحث نفيس من أراد مزيد الفائدة فيمكنه أن يرجع إليه.
والله أعلم.