الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح الحال بينك وبين أهل زوجك، وأن يرزقهم التقوى وحسن الخلق، فلا شك أن ما يفعلونه من التدخل في أموركم، ومحاولة إفساد العلاقة بينك وبين زوجك من الأمور المحرمة شرعا.
ويزداد الفعل شناعة وقبحا إن كان الأمر كما ذكرت من لجوئهم للسحرة والمشعوذين للوصول إلى أغراضهم الخبيثة, فهذا من كبائر الذنوب.
فقد جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة العشرون والحادية والثانية والثالثة والعشرون بعد الثلاثمائة: السحر الذي لا كفر فيه وتعليمه كتعلمه، وطلب عمله، قال تعالى: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون. في هذه الآيات دلالات ظاهرة على قبح السحر وأنه إما كفر أو كبيرة كما يأتي في الأحاديث .انتهى.
أما ما تذكرين من كون زوجك لا يصلي فالذي ننصحك به هو مناصحته فيما يرتكبه من تفريط عظيم في حق الله سبحانه بترك الصلاة، وإعلامه بأن ترك الصلاة بالكلية كفر على الراجح من أقوال أهل العلم، إذا كان ذلك تكاسلا وتهاونا، أما إن كان جحودا فهو كافر بالإجماع، فالأمر جد خطير فليتدارك نفسه وليبادر إلى إقام الصلاة والتوبة إلى الله عز وجل.
فإن لم يجد ذلك شيئا وأصر على ترك الصلاة فلا خير لك في البقاء معه، وعليك بطلب الطلاق منه ورفعه للقضاء إن لم يفعل، ولعل الله يعوضك خيرا منه، ويرزقك مأوى تستقرين فيه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم بقاء المرأة المتزوجة من زوج لا يصلي وله أولاد منها ؟ فأجاب: إذا تزوجت امرأة بزوج لا يصلي مع الجماعة ولا في بيته فإن النكاح ليس بصحيح، لأن تارك الصلاة كافر، كما دل على ذلك الكتاب العزيز والسنة المطهرة وأقوال الصحابة، كما قال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.
والكافر لا تحل له المرأة المسلمة لقوله تعالى: فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن.{الممتحنة:10}.
وإذا حدث له ترك الصلاة بعد عقد النكاح فإن النكاح ينفسخ إلا أن يتوب ويرجع إلى الإسلام.
وبعض العلماء يقيد ذلك بانقضاء العدة، فإذا انقضت العدة لم يحل له الرجوع إذا أسلم إلا بعقد جديد.
وعلى المرأة أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها حتى يتوب ويصلي ولو كان معها أولاد منه؛ لأن الأولاد في هذه الحال لا حضانة لأبيهم فيهم. انتهى.
أما إن استجاب وأناب إلى ربه وأقام الصلاة, عند ذلك عليكما بالرقية الشرعية وسيينفعكما الله بها من كيد الكائدين ويصرف عنكما بها شرور السحرة والشياطين.
واعلمي أنه لا يجوز اللجوء إلى السحرة والمشعوذين في فك السحر فهذا حرام, فقد روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها.
وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها.
وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء. وفي رواية لأبي داود: فتداووا ولا تتداووا بالمحرم.
واللجوء للسحرة من المحرمات بالاتفاق، فلا يجوز تعاطي ذلك، ولأن الذهاب إلى الساحر والطلب منه يكون رضا بما صنع أو إقرارا له على ما يصنع، وهذا لا يجوز بحال, فعن جابر رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: هي من عمل الشيطان رواه أحمد بإسناد جيد.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:
أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن البصري: لا يحل السحر إلا ساحر، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
الثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدعية والدعوات المباحة فهذا جائز. انتهى.
وأما سؤالك عن تحكم السحرة والجن في حياتك فنقول, كل ما يحدث في هذا الكون هو بإرادة الله سبحانه ومشيئته, ولا يستطيع السحرة ولا الجان أن يضروا أحدا إلا بإذن الله سبحانه, قال سبحانه: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله {البقرة:102}.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76641، 61454، 10981.
والله أعلم.