السؤال
من فضلكم في بعض الأيام التي كنت أصومها قضاء عن الأيام التي أفطرتها في رمضان بسبب الحيض كنت أتردد في إكمال الصيام أثناء اليوم لشكي في صحة الصوم لسبب أو لآخر ولكني أستمر في الصيام وأحيانا أخرى بسبب هذا الشك أقرر الفطر وعدم الاستمرار ثم أعدل عن ذلك، وقد قرأت فتوى بأن التردد أو العزم على الإفطار يفسد الصيام ووجدت فتاوى أخرى بأن الصيام صحيح طالما لم أفطر وأن الشك في صحة الصوم هو ما أدى لذلك، ووجدت فتاوى أخرى بأن هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، والآن أنا في منتهى الحيرة فهل صيامي صحيح أم يجب علي إعادة صيام هذه الأيام.
أفتوني بالله عليكم وجزاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قرأته من كون هذه المسألة مختلفا فيها هو الصحيح وقد بينا ذلك في فتاوى سابقة، وانظري منها الفتوى رقم: 4113، والفتوى رقم: 25705.
وأما المسألة الأولى: وهي العزم على الفطر فمذهب جمهور العلماء -وهو الصحيح أو الصواب- أن من نوى الفطر أفطر لفوات شرط العبادة وهو النية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات.
قال الموفق رحمه الله في شرح قول الخرقي: ومن نوى الإفطار فقد أفطر، هذا الظاهر من المذهب وهو قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، إلى أن قال: وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا أصبح صائما، ثم عزم على الفطر، فلم يفطر حتى بدا له، ثم قال: لا، بل أتم صومي من الواجب. لم يجزئه حتى يكون عازما على الصوم يومه كله، ولو كان تطوعا كان أسهل. وظاهر هذا موافق لما ذكرناه. انتهى.
وأما التردد في الفطر ففيه قولان: هما وجهان في مذهب أحمد أحدهما: يفطر به لفوات شرط النية، والثاني: وهو الراجح أنه لا يفطر بالتردد لأن الأصل صحة صومه ولأن استصحاب الأصل وهو أنه لم يفسد نيته كاف في ترجيح هذا القول، وعدم الفطر بالتردد هو الذي رجحه العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع، وعلى هذا فإنه يلزمك قضاء الأيام التي عزمت على الفطر في أثنائها، لأنك قطعت نيتك بذلك فأفسدت صومك ولا تبرأ ذمتك إلا بالقضاء، وأما الأيام التي ترددت في الفطر في أثنائها فلا يلزمك قضاؤها، وإن قضيتها احتياطا وخروجا من الخلاف كان ذلك حسنا.
والله أعلم.