السؤال
في أول الأمر عقدت القران على فتاة ولم أدخل بها، ولكن اختليت بها دون إيلاج حدث بيني وبينها وبين أمها مشكلة كبيرة فحلفت (علي الطلاق بالثلاثة شافعي ومالك وأبو حنيفة لأمها إن بنتك لا تلزمني) بدون قصد وعدم تركيز في الكلام بسبب شدة الغضب من كلام أمها، وكنت أيضا أريد رد فعلهم ماذا يكون، فبعد ذلك ذهبت إلى شيخ القرية فقال لي إنها تحسب طلقة فردها لي، وبعد ذلك دخلت بها فحدثت مشكلة بيني وبين أهلي (أبي وأمي) مع العلم أني متزوج خارج بيت أبي وأمي ولم يساعدني والدي بأي شيء، فقلت لهم (علي الطلاق بالثلاثة لا أدخل البيت مرة أخرى)، وكان القصد والنية أن يكفوا عني هذه المشاكل وكنت غاضبا من المشاكل التي تحصل كل وقت، وليس نيتي بأني لو دخلت البيت مرة أخرى تكون زوجتي طالقا مني، المرة الثالثة كنت جالسا مع زوجتي فداعبتها فأردت أن أجامعها ولم توافقني زوجتي على هذا الأمر بحجة أنها تعاني من مغص في بطنها وحرقان في فرجها ونزول إفرازات منها، مع العلم أن الموضوع كان قبل ميعاد الدورة الشهرية بأسبوعفقلت لها (علي الطلاق بالثلاثة لن أقترب منك لمدة 10 أيام) وكان الحلف بقصد أني أذيقها من نفس الكأس التي أذاقتني منه وهو عدم تحمل الشهوة فى وقت طلبها لي، وأيضا سبب هذا الحلف أني كنت غاضبا عما تفعله معي مع أني ألبي جميع طلباتها، وكنت رحيما معها أثناء كل جماع، ومع العلم أيضا أننا متزوجان منذ 3 شهور فقط، فأفيدوني في هذه الأمور أفادكم الله؟ وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا خلاف في أن طلاق المرأة قبل الدخول طلاق بائن، لا يملك رجعتها بعده، ويجوز له ردها بعقد جديد، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا {الأحزاب:49}، لكن اختلف العلماء فيما إذا حدثت خلوة ولم يحدث دخول حقيقي، فذهب الشافعي في الجديد ومالك إلى أنه لا عدة عليها، فلا يملك رجعتها إلا بعقد جديد، وذهب أبو حنيفة وأحمد في المشهور عنهما إلى أن الخلوة توجب العدة، فيملك الزوج رجعتها ما دامت في العدة، كما أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا عند الجمهور، وأما عن الطلاق حالة الغضب فإن الأصل أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، إلا أن يصل الغضب إلى حد يفقد الإدراك كالجنون.
وعلى ذلك فإذا كان الذي أفتاك بردها إليك من غير عقد جديد، أفتاك بعلم بناء على قول من يجعل الخلوة تأخذ حكم الدخول، وقول من يجعل الطلاق بلفظ الثلاث يحسب واحدة كما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، فالارتجاع صحيح.. وأما عن حلفك بالطلاق الثلاث على دخول بيت أهلك وترك جماعها عشرة أيام فهو عند الجمهور يمين لا يمكن حله، فإن دخلت البيت أو جامعتها قبل عشرة أيام وقع الطلاق ثلاثا وحرمت عليك زوجتك حتى تنكح زوجا غيرك.
وننصح السائل باللجوء إلى المحكمة الشرعية للفصل في الأمر، وننبه إلى أن الحلف بالطلاق غير جائز، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري في صحيحه... كما ننبه إلى أهمية تجنب الغضب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي: أوصني، قال: لا تغضب. فردد مرارا قال: لا تغضب. صحيح البخاري.
والله أعلم.