الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي التفريق - خاصة عندما يغلب الشح والهوى -.بين الحقوق الثابتة الواجبة شرعا, وبين ما لا يجب ولا يلزم، وإنما يجري مجرى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات, أما في المقام الأول وهو مقام الواجبات فإنه لا يجب على الزوجة شرعا خدمة والدي زوجها، ولا يلزمها ذلك سواء كان الوالدان في حالة الصحة أو المرض., لكن ليس من المعاشرة بالمعروف للزوج أن يكون والداه موجودين في المنزل وكلاهما أو أحدهما مريض, ثم لا تقوم الزوجة بخدمتهما من إعداد الطعام لهما أو غسل ثيابهما ونحو ذلك، وإذا كان الله عز وجل قد أمر بالإحسان إلى من لم تربطه بالإنسان إلا علاقة السفر العارضة، كما قال الله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا {النساء:36}.
والصاحب بالجنب هو الرفيق المسافر،إذا كان الأمر كذلك، فكيف بأبوي الزوج الذي أوجب الله طاعته وحث على حسن معاشرته وإرضائه.
لا شك أنهما أولى بالإحسان إليهما والرفق بهما, والقيام بمصالحهما حسب الوسع والطاقة.
ولا حرج على الزوج في أن يطلب ذلك منها، بل ولا أن يتزوجها بهذا القصد، فقد صح عن جابر رضي الله عنه أنه تزوج ثيبا، فقال له رسول الله صلى الله عليه: فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك، فقال: يا رسول الله قتل أبي يوم أحد وترك تسع بنات فكرهت أن أجمع إليهن خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال: أحسنت. رواه الشيخان.
قال العراقي في طرح التثريب: وفيه جواز خدمة المرأة زوجها وأولاده وأخواته وعياله، وأنه لا حرج على الرجل في قصده من امرأته ذلك، وإن كان لا يجب عليها، وإنما تفعله برضاها. انتهى.
ولتعلم الزوجة أن من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة, وأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه, وأنه سبحانه قد جعل فعل الخير سببا للفلاح والنجاح فقال سبحانه وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. {الحج: 77}.
فالذي يقدر على خدمة الناس خصوصا من له صلة رحم وقربة ثم لا يفعل ويضن بجهده أو ماله عنهم فهو في الحقيقة إنما يبخل عن نفسه ويحرمها من ثواب الله وفضله والله سبحانه غني عن العالمين, قال سبحانه: ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء. {محمد: 38}.
والله أعلم.