السؤال
هل من ذنب على الوالدين في الامتناع عن تلبية رغبة ابنهما البالغ من العمر 25 عاما في اختيار شريكة حياته والذهاب إلى خطبة فتاة بعينها بسبب عدم التكافؤ الاجتماعي والأسري من حيث السلوك و المنهج المحافظ وذلك حسب تقديرهما مما تسبب في خلاف حاد بين الابن ووالديه أدى إلى قطيعة كاملة امتدت لشهور ولا تزال مع العلم أنه يعيش في بلدة أخرى بسبب أنه في مرحلة التعليم الجامعي وهل هذا تصرف شرعي ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للوالدين أن يمنعا ابنهما من الزواج بمن يريد من النساء طالما أنها صاحبة دين وخلق، لأن الشريعة المعصومة قد كفلت لكل من الرجل والمرأة حرية الاختيار في الزواج ، وينبغي أن يكون الدين والخلق هما محل نظر الوالدين فيمن ستكون زوجة لابنهم, وألا ينظرا إلى ما وراء ذلك من مال أو وضع اجتماعي ونحو ذلك من متاع الدنيا الزائل، فالأفضلية عند الله سبحانه بالتقوى والعمل الصالح قال سبحانه: إن أكرمكم عند الله أتقاكم {الحجرات:13}.
ولكن مع هذا فإنه ينبغي للولد أن يطيع والديه إذا أمراه بترك الزواج من امرأة بعينها، بل قد يجب عليه ذلك إذا لم يكن في تركه لها ضرر واقع عليه في دينه أو دنياه لأن طاعة الوالدين في المعروف واجبة، أما إذا كان الابن قد تعلق قلبه بهذه الفتاة وخاف على نفسه الفتنة إن هو ترك الزواج منها فلا تلزمه طاعة والديه حينئذ.
وفي النهاية ننبه على أمرين هامين:
الأول: أن الأولى أن يتزوج الرجل بمن تناسبه في أمور الدنيا، لأننا نعيش أزمنة ضعف فيها وازع الدين، فإذا تزوج الرجل بمن هي فوقه أو دونه وكان التفاوت بينهما كبيرا، فإن هذا غالبا ما يكون سببا رئيسا في اضطراب أحوال الأسرة وعدم استقرارها, وهذا فيه من المفسدة ما فيه.
الثاني: أنه لا يجوز للابن بأي حال من الأحوال مهما ظلمه والداه أو جارا على حقوقه أن يهجرهما أو يقاطعهما فهذا من كبائر الإثم والفواحش التي تجلب غضب الله سبحانه، وإذا كانت الشريعة قد حرمت الهجر بين عموم المسلمين فوق ثلاث، فما الظن بالوالدين اللذين ليس فوق حقوقهما حقوق إلا حقوق الله سبحانه، فالواجب على الولد أن يسارع بالتوبة إلى الله سبحانه وأن يسترضي والديه ويطيب قلوبهما ويطلب عفوهما عما كان منه من عقوق وقطيعة نحوهما، فهذا أنفع له من كل متاع الدنيا بل أنفع له من كثير من القربات والطاعات.
والله أعلم.