السؤال
تقدمت للزواج من امرأة وجدت فيها كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهي ودود ولود وأحناهم على ولد وذات دين وجمال ومطيعة وتحب طلب العلم الشرعي وقد وجدت هي في ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من الخلق والدين وإضافة إلى العلم الشرعي البسيط على حد قولها هي وقررنا أن نبني أسرة مسلمة على منهج الكتاب والسنة وأن ننذر أحد أولادنا ليكون داعية إلى الله وقرأنا كتب النكاح لنعلم ما يراد منا وما علينا فجعلنا نوايا عديدة في هذا الزواج كلها كما أمر به الشرع ولكن في البداية وبعد أن وافق أهلها على زواجنا حدث لي أني قد اعتقلني الأمريكان للمرة الثانية بعد أن كانت الأولى قبل أن أتقدم لهم وهنا وبعد أن سلط الله علي الكفار تخلى عني أهلها وقالوا إن ظروفه صعبه يقصدون اعتقالي مرتين وما اعتقلوني إلا للدين والدين فقط وأهلها يقولون عني إن هذا الشاب لا يوجد مثله في زمننا هذا على اعتبار الدين –على حد قولهم- ولكن لا نزوجه لأن ظروفه صعبة، وهذا الكلام مضى عليه سنة تقريبا وما زالت ومازلت غير متزوجين ولازالت تحبني وتريدني، وأنا كذلك وإذا تزوجت فلن تتزوج الذي تريد وإنما فقط إرضاء لأهلها وأنا كذلك فهل هذا الرفض شرعي بهذه الأسباب المذكورة أم أنه مخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه....الحديث" وهل أبوها في هذه الحالة يعد عاضلا وهل لها أن توكل إمام المسجد ليكون وليها في عقد النكاح الشرعي ثم نعمل العقد المدني في المحكمة هذا مع العلم أن أباها ليس بيده قرار لأنه طلق أمها منذ 20 سنة وتركهم فقراره تبعا لها لأنه لا يعلم شيئا وهو رفض الزواج لأنه في الواقع الأم رافضة ،وللعلم إذا قلتم لي إن الولاية تنتقل إلى أخيها بعد أبيها فأقول إن الولي الوحيد هو الأخ بعد الأب ولكن هو الآخر قراره تبع لأمه لأنه مسافر منذ زمن ولا يعرف شيئا ... وعذرا على الإطالة وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطالما أن هذه الفتاة ترغب في الزواج منك وأنت طليق قادر على توفير واجباتها عليك، فإنه لا يجوز لأمها ولا لأبيها ولا لأي أحد من عصباتها أو أرحامها أن يمنعوها من ذلك خصوصا وأنهم قد شهدوا لك بالخلق والدين، وما ذكروه من أسباب تمنعهم من إتمام الزواج – بزعمهم – فهي أسباب واهية غير معتبرة، فإذا منعها أبوها من الزواج منك فهو عاضل، والعضل ظلم ومعصية وهو مسقط لولايته عليها.
قال ابن قدامة في المغني: ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه.... إلى أن قال: فإن رغبت في كفء بعينه وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلا لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلا لها بهذا، لأنه لو زوجت من غير كفئها كان له فسخ النكاح، فلأن تمنع منه ابتداء أولى. انتهى.
وقال خليل بن إسحاق المالكي: وعليه الإجابة لكفء، وكفؤها أولى، فيأمره الحاكم ثم زوج. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة، الأولى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي. انتهى.
وعلى ذلك فإما أن تنتقل الولاية لمن بعده من الأولياء على الترتيب المذكور في الفتوى رقم: 22277.
أو تنتقل للسلطان أو القاضي مباشرة على خلاف بين أهل العلم.
وعليه فإن رفض الجميع تزويجها منك فعليها بالمحكمة ليتولى القاضي إجبارهم على التزويج أو يزوجها هو دونهم، ولا يجوز لها أن توكل إمام المسجد ولا غيره من المسلمين في حال وجود القاضي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.
فإن عدم القاضي عندها يجوز لها أن تولي أمرها لرجل عدل من المسلمين يتولى نكاحها.
والله أعلم.