السؤال
عند الجمهور أن المسبوق الذي فاتته ركعة فأكثر لا يصح أن يتخذ إماما لقوله : إنما جعل الإمام ليؤتم به. السؤال على هذا القول: لو أن رجلا دخل المسجد بعد سلام الإمام واتخذ مسبوقا إماما له فدخل في الصلاة مقتديا به من السجود، هل تصح صلاة المأموم الجديد أم لا؟ مع رجاء ذكر كتب العلماء التي فصلت في هذه المسألة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من منع الاقتداء بالمسبوق هو مذهب المالكية وجمهور الحنابلة ووجه عند الشافعية. ومأخذ هذا القول أن المسبوق مأموم فلا يجوز الاقتداء به؛ لارتباط صلاته بصلاة إمامه، والمأموم لا يكون إماما. وعلى هذا القول فمن اقتدى بالمسبوق وائتم به فصلاته باطلة، وقد نص الفقهاء الذين تبنوا هذا المذهب على بطلان صلاة من ائتم بالمسبوق -كما في صورة السؤال-. ويمكنك أن تراجع كلامهم مفصلا في كتب الفروع الفقهية المنتشرة كشروح مختصر خليل. ونحن نسوق لك بعض ما يدل على هذا، فقد ذكر خليل في مختصره من تبطل الصلاة بالاقتداء بهم فقال: وبطلت باقتداء بمن بان كافرا أو امرأة أو خنثى مشكلا أو مجنونا أو فاسقا بجارحة أو مأموما. اهـ
قال الدردير في شرحه لقوله "أو مأموما": بأن يظهر أنه مسبوق أدرك ركعة كاملة وقام يقضي، أو اقتدى بمن يظن أنه الإمام، فإذا هو مأموم، وليس منه من أدرك دون ركعة فتصح إمامته وينوي الإمامة بعد أن كان نوى المأمومية لأن شرطه ألا يكون مأموما. اهـ
هذا فيما يتعلق بجواب مسألتك. ونحب أن ننبهك إلى أن الصحيح عند الشافعية وبعض الحنابلة جواز الاقتداء بالمسبوق لأنه فيما يقضيه من صلاته في حكم المنفرد بدليل أنه لو سها فيما سبق به سجد للسهو ولم يحمله عنه إمامه. وهذا القول هو المفتى به عندنا ورجحه جمع من المحققين، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إذا دخل المسبوق المسجد وقد صلى الناس ووجد مسبوقا يصلي شرع له أن يصلي معه ويكون عن يمين المسبوق حرصا على فضل الجماعة ، وينوي المسبوق الإمامة ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء ، وهكذا لو وجد إنسانا يصلي وحده بعد ما سلم الإمام شرع له أن يصلي معه ، ويكون عن يمينه تحصيلا لفضل الجماعة ، وإذا سلم المسبوق أو الذي يصلي وحده قام هذا الداخل فكمل ما عليه ؛ لعموم الأدلة الدالة على فضل الجماعة ، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى رجلا دخل المسجد بعد انتهاء الصلاة قال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه. انتهى.
وأطال في تقريره الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع بما تحسن مراجعته.
والله أعلم.