أكرهت على الجماع في صيام الكفارة فأكلت عمدا

0 417

السؤال

امرأة تصوم كفارة قتل خطأ شهرين متتابعين، جامعها زوجها جماع إكراه وهي صائمة فظنت أن صيامها قد فسد فأكلت عمدا في ذلك اليوم، هل فسد صيام التتابع وعليها إعادة واستئناف الصيام مره ثانية؟ أم عليها قضاء صيام ذلك اليوم فقط ومتابعة ما بقي عليها من صيام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت هذه المرأة قد أكرهت على الجماع، إكراها معتبرا شرعا، فلا إثم عليها في ذلك، ولم ينقطع تتابع صومها لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه أحمد وابن ماجه. قال النووي في شرح المهذب:

لو أكره الصائم على أن يأكل بنفسه أو يشرب فأكل أو شرب، أو أكرهت على التمكين من الوطء فمكنت، ففي بطلان الصوم به قولان مشهوران، قل من بين الأصح منهما، والأصح لا يبطل. ممن صححه المصنف في التنبيه والغزالي في الوجيز والعبدري في الكفاية والرافعي في (الشرح) وآخرون وهو الصواب. انتهى.

وإن لم يكن الإكراه معتبرا، فقد انقطع تتابع الصوم ولزمها الاستئناف، وقد كان الواجب عليها إذا جومعت مكرهة أن تتريث وتسأل أهل العلم.

والظاهر أنها فرطت وتساهلت بإقدامها على تناول الطعام والشراب، مما أدى إلى انقطاع تتابع الصوم، وكان عليها أن تسأل أهل العلم قبل أن تقدم على ما أقدمت عليه، وقد نص الشيخ العثيمين على عدم العذر في نظير هذه المسألة، وهي مسألة الناسي الذي أكل متأولا بعدما ذكر، قال رحمه الله: ذكر لي أن شخصا في قديم الزمان اشترى عنبا لأهله، وحمله في منديل وهو صائم، فنسي وجعل يأكل من هذا العنب وكان الناس فيما سبق ليسوا أغنياء يسهل عليهم الحصول على العنب، وكان هذا الشخص قد اشتهى العنب كثيرا، فلما وصل إلى أهله لم يبق في العنب إلا حبة واحدة، وهو يأكل وهو ناس، فقال لما ذكره أهله أنه صائم: إن كان ما أكلت من العناقيد لا يفطر فهذه لا تفطر، وأكلها، فهل يفطر الآن؟ نعم، يفطر بالحبة، والعناقيد التي أكل من قبل؟ لا تفطره، لماذا؟ لأنه ناس أطعمه الله عز وجل، لكن هذه الحبة هي التي أفسدت صومه، لكن قال لي بعض الطلبة: لا يفسد صومه على قاعدة أن الجاهل معذور، وهذا جاهل يحسب أن الأول يفسد الصوم فأكل هذه الباقية بناء على فساد صومه، أظن أن هذا لا ينطبق عليه العذر بالجهل؛ لأن هذا رجل مفرط، كان الواجب عليه أن يسأل وليس كل من قلنا إنه يعذر بالجهل يعذر في كل حال، إذا كان مفرطا وقام سبب طلب العلم يجب عليه أن يطلب العلم حتى يتبين. انتهى.

وعلى هذا فالواجب على هذه المرأة استئناف صيام الكفارة، فتبتدئ صيام شهرين متتابعين لفوات شرط التتابع في صيامها السابق، وما مضى من الأيام التي صامتها فإنه يحسب لها ثوابه، ويكون في حقها نفلا تؤجر عليه، ولا تعتد به من الكفارة. هذا، وننبه إلى أنه إن كان هذا السؤال مرتبطا بالفتوى رقم: 119749، ففيها ما يغني عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة