السؤال
كنت حاملًا في بداية الشهر الخامس في سنة من السنوات، وكنت أمر بمشاكل مع زوجي، وأهله، حيث كان يضربني، ويرميني بكلام جارح، وكانت معاملته سيئة جدا، فكنت أمر بفترة عصيبة، واكتئاب من الحالة التي كنت فيها.
في يوم من الأيام قام زوجي بضربي، فمن شدة الغضب، والحزن، واليأس من الحالة قمت بضرب بطني عدة مرات بقوة، وذلك نتيجة لما تسبب به زوجي من تعب نفسي لي، وأذًى، ولم أشعر بهذا التصرف الخاطئ بسبب الاكتئاب، وبعدها اكتشفت أن الجنين قد مات، فما هي عقوبتي؟ وكيف لي أن أتوب عنها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله سبحانه من هذا الفعل الشنيع، وذلك بالندم على ما اقترفته يداك، وعقد العزم على عدم العودة لمثله أبدًا، وينبغي كذلك الإكثار من فعل الصالحات، كالصدقات، وقراءة القرآن، وكثرة الاستغفار؛ فإنَّ الحسنات يذهبن السيئات.
هذا، وإذا علمتِ أن وفاة الجنين كانت بسبب تعمد اعتدائك عليه، وضربك لبطنك؛ فإنَّ العقوبة تثبت؛ لأن الجنين الذي تم له أربعة أشهر له حكم الإنسان تام الخَلْق باتفاق الفقهاء.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ فِي أَصْل تَرَتُّبِ الْعُقُوبَةِ إِذَا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِ الْجَنِينِ، كَظُفُرٍ وَشَعْرٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ تَامِّ الْخَلْقِ اتِّفَاقًا، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ - كَمَا يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ - إِلاَّ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا. انتهى.
وقد اتفق الفقهاء على أن الجنين إذا انفصل ميتًا فإن في ذلك الدية، وتسمى (الغُرَّة)، وقدّرها بعض العلماء بمائتين وثلاثة عشر جرامًا من الذهب تقريبًا، وقد اختلف الفقهاء فيمن تلزمه دية قتل الجنين على قولين:
الأول: أن الغرة تلزم العاقلة (وهم عصبة الجاني) تُقسَّط على سنة، ولا يرث الجاني من الغرة شيئًا، وهو مذهب الحنفية، والشافعية في الأصح عندهم.
والثاني: وجوب الدية في مال الجاني في العمد مطلقًا، وهو مذهب المالكية، والحنابلة، وانظري الفتوى: 11681.
وبالنسبة للكفارة؛ فقد اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة على المتسبب في إسقاط الجنين وانفصاله ميتًا على قولين؛ فذهب الشافعية، والحنابلة إلى وجوب الكفارة، وذهب الحنفية، والمالكية إلى عدم الوجوب. والقول بالوجوب أقرب، وأحوط.
والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة، ولتعذر وجود العتق فهي صيام شهرين متتابعين.
ولمزيد من الفائدة انظري الفتوى: 28671.
والله أعلم.