السؤال
كيف يخفي الإنسان نفسه عن الله عن طريق فعل المعصية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمراد السائلة غير واضح، والله تعالى علمه محيط بكل شيء، قال سبحانه: يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. {غافر:19}، وقال تعالى: وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى. {طـه:7}، وقال عز وجل: سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار .{الرعد:10}، سواء في ذلك الطائع والعاصي، كما قال تعالى: ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور. {هود:5}.
وقد عاب الله على من يستخفي من الناس ولا يستحي منه سبحانه، فقال: يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا. {النساء:108}، قال السعدي: وهذا من ضعف الإيمان ونقصان اليقين، أن تكون مخافة الخلق عندهم أعظم من مخافة الله، فيحرصون بالطرق المباحة والمحرمة على عدم الفضيحة عند الناس، وهم مع ذلك قد بارزوا الله بالعظائم، ولم يبالوا بنظره واطلاعه عليهم، وهو معهم بالعلم في جميع أحوالهم، خصوصا في حال تبييتهم ما لا يرضيه من القول. فقد جمعوا بين عدة جنايات، ولم يراقبوا رب الأرض والسماوات، المطلع على سرائرهم وضمائرهم، ولهذا توعدهم تعالى بقوله: وكان الله بما يعملون محيطا. أي: قد أحاط بذلك علما، ومع هذا لم يعاجلهم بالعقوبة بل استأنى بهم، وعرض عليهم التوبة وحذرهم من الإصرار على ذنبهم الموجب للعقوبة البليغة. انتهى. ولزيادة الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 14440.
والله أعلم.