حكم العمل في تنظيف الكلاب وإطعامهم

0 352

السؤال

ماحكم من يستدعي عمله عند أسرة لديهم كلاب عادية ويطلب منه ضمن عمله أن يقوم بتنظيفهم وإطعامهم وملاطفتهم. فهل يجوز هذا العمل على الرغم من أنه مربح له؟ وهل أن صلاته باطلة وأنه على حالة النجاسة دائما؟ وما الحل الأمثل والمناسب لمثل حالته؟ وما الكفارة إذا كان ما يقوم به خطأ وما البديل إذا لم يتوفر له عمل غير هذا فى ظل الظروف الحالية وضيق المعيشة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر من السؤال أن الكلاب المذكورة غير مأذون في اتخاذها؛ لأنها كلاب عادية، لا كلاب حراسة ولا صيد، وعليه فالقيام بالأعمال المذكورة في السؤال لا يجوز؛ لأن القيام على رعاية هذه الكلاب لا ينفك في الجملة عن إعانة لتلك الأسرة على الإثم. قال تعالى:  وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.{المائدة:2}.

وإن كان بعض هذه الأعمال جائزا بمجرده، كالإطعام مثلا؛ لأن الإحسان إلى الحيوان مما دعا الشرع إليه عموما.

وأما تنظيفها وملاطفتها التي تتطلب لمسها فلا تجوز؛ لأن ملامسة النجاسة لغير حاجة منهي عنها شرعا، وقد وجد أن لمس الكلاب ومداعبتها والتعرض لفضلاتها أو لعابها يزيد خطر الإصابة بالعمى، فقد وجد أن تربية الكلاب والتعرض لفضلاتها من براز وبول وغيرها ينقل ديدان طفيلية تعرف باسم :توكسوكارا كانيس. التي تسبب فقدان البصر والعمى لأي إنسان.

كما أن الاعتناء بنظافة الكلاب وإدخالها إلى البيوت ومشاركتها لأهلها في المعيشة من العادات الدخيلة على المسلمين من قبل أعدائهم، والمنافية للأحكام الشرعية التي حثت على البعد عن النجاسات والتنزه عنها، ولو كانت تلك الكلاب مأذونا في اقتنائها، كما سبق ذلك في الفتوى رقم:18892.

أما سؤالك عن النجاسة، فقد ذهب الجمهور إلى نجاسة الكلب بجميع أجزائه، وذهب الحنفية في الأصح عندهم إلى نجاسة سؤره-وهو ما بقي في الإناء بعد شربه أو أكله- وطهارة بدنه، وذهب المالكية إلى طهارة سؤره وبدنه.

وعلى قول الجمهور، فإن مجرد مسه في مكان جاف من بدنه لا يوجب شيئا، وإنما يجب غسل ما أصابه الكلب من ثوب أو بدون أو غيره بسؤره أو بدنه المبلول، فيغسل سبعا إحداها بالتراب.

لما رواه  البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات. زاد مسلم: أولاهن بالتراب. ولغ: أي جعل فيه لسانه وشرب منه.


واختلف القائلون باشتراط استعمال التراب هل يقوم غيره كالصابون وغيره من المنظفات مقامه أم لا؟ فذهب الشافعية في المعتمد عندهم إلى إجزائه، والذي يظهر هو القول الأول، لأن النص ورد به، ويؤيده ما ثبت بالطب الحديث من أن في لعاب الكلب جراثيم لا تزول إلا بالغسل سبعا إحداهن بالتراب.

فإذا تطهر ذلك الشخص كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام وصلى فصلاته صحيحة.أما القول ببطلان صلاته وأنه على حال النجاسة دائما فهذا لا أساس له.

ولا نعلم كفارة لما فعله من ذلك غير أن يتوب ويستغفر الله مما مضى. وعلى الشخص المذكور أن يستعين بالله ويبحث عن عمل حلال آخر، ويصدق مع الله ويبتهل ويتضرع إليه بالدعاء، حتى يكشف ما به.

 قال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. {النمل:62}.

 ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا*ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا. {الطلاق:3،2}.

وقال عز وجل: لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى. {طه:132}.

وعليه أيضا أن ينصح مقتنيها بأن ذلك لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  من اتخذ كلبا ليس بكلب صيد ولا غنم نقص من عمله كل يوم قيراط. رواه البخاري ومسلم.

وأن يبين له أن ذلك ينتقص من أجره كل يوم قيراطا. وأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة. كما في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها، وأن تضييق الإسلام لنطاق استخدام الكلب ليس تعنتا ولا تشددا وإنما لما فيه من نجاسة مغلظة، ولما يسببه من أضرار محققة، قد كشف العلم الحديث عنها أو عن بعضها على الأقل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:46235 . فراجعها للفائدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى