الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم هداك الله أن المال إذا بلغ نصابا، وحال عليه الحول وجبت المبادرة بإخراج زكاته، والحول المعتبر إنما هو الحول الهجري لا الميلادي، وانظر الفتوى رقم:
.10550
ولا يجوز تأخير الزكاة إذا وجبت إلا لعذر، وأما التهاون في أدائها وتأخيرها لغير عذر فمعصية توجب التوبة والاستغفار، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
لا يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد تمام الحول إلا لعذر شرعي، كعدم وجود الفقراء حين تمام الحول، وعدم القدرة على إيصالها إليهم، ولغيبة المال ونحو ذلك. انتهى.
و قال ابن قدامة في المغني:
تجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه، والتمكن منه، إذا لم يخش ضررا. وبهذا قال الشافعي....، قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يحول الحول على ماله، فيؤخر عن وقت الزكاة؟ فقال: لا، ولم يؤخر إخراجها؟ وشدد في ذلك. قيل: فابتدأ في إخراجها فجعل يخرج أولا فأولا، فقال: لا، بل يخرجها كلها إذا حال الحول. انتهى بتصرف.
وانظر الفتوى رقم 100503.
فالواجب عليك المبادرة بإخراج ما في ذمتك من مال الزكاة، مع التوبة إلى الله عز وجل، كما يجب عليك حساب ما على الشركة من زكوات لم تؤد في السنين الماضية، وذلك بالنظر في حسابات الشركة، والقدر الذي كان يخرجه أبوك عن مال الزكاة، فإن بقي في ذمتكم شيء من مال الزكاة فالواجب المبادرة بإخراجه فإن الزكاة لا تسقط بالتقادم، وانظر الفتويين رقم: 57827، 44009.
هذا إذا كان أبوك قد فوض إليك أمر الزكاة، وأما إن لم يكن فوض إليك ذلك فالواجب إقناعه بهذا الأمر ولا يجزئ أن تخرجها أنت دون موافقة صاحب المال لأنها تفتقر إلى نية.
واعلم أن المال الذي لا تخرج صدقته عرضة لمحق بركته، وقد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما خالطت الصدقة - أو قال : الزكاة - مالا ؛ إلا أفسدته. أخرجه البزار وقال الحافظ إسناده لين، وضعفه الألباني. ولكن له شواهد تجعله يصلح للاحتجاج.
واعلم أنه لا يجب عليك إلا إخراج ما في ذمتك من المال، ولا يلزمك إخراج شيء زائد على ما وجب عليك، إلا أن باب الصدقة واسع، وثواب الصدقة عظيم، ومن تطوع خيرا فهو خير له .
ودفع الزكاة إلى اليتامى جائز بشرط أن يكونوا من الأصناف المستحقين وليس مجرد اليتم مبيحا لأخذ الزكاة. وانظر الفتوى رقم 15146.
ودفع الزكاة إلى الجمعيات التي تقوم بتوزيعها على المستحقين جائز كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 17311.
ولا يجب دفع الزكاة إلى أكثر من صنف، بل يجوز دفعها إلى صنف واحد من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في الآية، وانظر الفتوى رقم: 38964.
وأما تعيين الجهة التي تصرف إليها الزكاة إذا تعارضت الجهات المستحقة، وجعل الزكاة في جهة واحدة أو في عدة جهات فمرد ذلك كله إلى المصلحة، فعليك بالتحري، وما اقتضته المصلحة الراجحة فافعله، وإن خفي عليك وجه المصلحة فاستشر أهل الدين والخبرة في كيفية صرفها، وانظر الفتوى رقم: 119829 .
ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لما فيه الخير.
والله أعلم.