السؤال
أعمل بمهنة رئيس للمحاسبة لدى شركة متخصصة في مجال التجارة العامة: معدات، فنادق، وتجهيز مطاعم. والتمويل المادي للشركة قائم عن طريق بنك محلي تقليدي عن طريق فتح كمبيالات لمدة 180 يوما مع احتساب البنك لفائدة محددة تخصم من قيمة فتح هذه الكمبيالات فورا. السؤال:
بحكم منصبي في هذه الشركة، أنا المسؤول عن ترتيب وتمويل وكتابة هذه الكمبيالات بيدي سواء لشراء بضاعة أو دفع رواتب العاملين الشهرية وإلى غيره، الرجاء توضيح بعض النقاط:
1- هل الراتب الذي أتقاضاه حرام ؟
2- هل أعطي هذا العمل لشخص آخر غيري وأكون أنا بعيدا عن الشبه وأستمر في عملي؟
3- هل أترك هذا العمل فورا أم أنتظر حتى أحصل على فرصة أخرى؟
4- هل أقبل أية زيادة في أجري أو مكافأة إذا عرضت علي من قبل إدارة الشركة، مع العلم أنني متزوج ولدي 3 من البنات، والله أخشى أن أطعمهم من الحرام؟ بارك الله فيكم وثبتكم... فأفتوني بشكل مفصل ولكم الأجر إن شاءالله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حقيقة تلك المعاملة فيما ظهر لنا هي أن الشركة تقترض من البنك مبلغا أقل من قيمة الكمبيالة الاسمية، وهو يأخذ فائدة على ذلك القرض مقابل الأجل وهذا ربا محرم، لأن اشتراط البنك في عملية الاقتراض-الخصم-اقتطاع شيء من قيمة الكمبيالة إنما هو من قبيل اشتراط الزيادة المحرم شرعا، ولو سميت تلك الفائدة بغير اسمها فذلك لا يخرجها عن كونها فائدة ربوية محرمة، كما أن إخراج المعاملة في صورة التعهد والضمان لا يخرجها عن حقيقتها وهي أنها قرض جر نفعا.
وبناء عليه، فإن عمل الأخ السائل محرم، وما يؤخذ من أجر عليه يعتبر كسبا خبيثا يجب التخلص مما بقي في اليد منه بصرفه في مصالح المسلمين، أو ينفق على الفقراء والمساكين، مع التوبة الصادقة النصوح والتي من شروطها الإقلاع والكف عن المعصية، فتب إلى الله من ذلك العمل وابحث عن غيره، ولا تنتظر حتى تجد عملا غيره بل دعه فورا إلا أن تكون لديك ضرورة ملجئة إلى التكسب منه كأن تخشى على نفسك أو من تلزمك نفقته الهلاك والضياع إن تركته، قال تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم. {النحل:115}. ولمعرفة حد الضرورة المبيح للحرام انظر الفتويين رقم: 1420، 20910.
واعلم أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتق الله وأجمل في الطلب، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
ولا تعط العمل لغيرك بل دع أصحابه وشأنهم، وإذا استطعت نصحهم وبيان حرمة تلك المعاملات لهم فبها ونعمت وإلا تركتهم وبحثت لنفسك عن عمل طيب شريف.
وأما ما أعطوك من مكافأة وغيرها فيجوز لك أخذها وتمولها لأن هدية صاحب المال المختلط يجوز أخذها وتمولها، سيما إذا كانت نسبة الحرام في ماله قليلة، وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين رقم: 27735، 6880.
هذا إذا لم تكن الهدية مقابل عملك في الشركة فإن كانت كذلك فهي في حكم الراتب وقد تقدم.
والله أعلم.