السؤال
أعمل في شركة، وليس معي سيارة، ولي زميل معي، قال لي: سأوصلك وأرجعك يوميا، ولكن بشرط أن تتصدق يوميا بمبلغ بسيط بنية أن نصف المبلغ المتصدق لي أنا والنصف الآخر أتصدق بنية أنه له هو. فهل هذا يجوز؟ وإن كان لا يجوز فهل يجب علي إخباره لإلغاء هذا الشرط.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان هذا المبلغ الذي اشترطه عليك هو أجر لتوصيلك، فيشترط فيه أن يكون معلوما. فإذا كان مجهولا فعقد الإجارة فاسد، ويكون لصاحب السيارة أجرة المثل.
أما إذا كان الأجر معلوما، وأراد صاحب السيارة أن يوكلك في التصدق به عنه، فهذه الصورة غير جائزة عند الشافعية، لأنه لا يجوز أن يكون الإنسان قابضا ومقبضا في نفس الوقت إلا في صور معينة استثناها الفقهاء، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: اتحاد القابض، والمقبض ممنوع لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها، وإذا كان مقبضا، وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة، فلما تخالف الغرضان والطباع لا تنضبط امتنع الجمع. اهـ.
ويمكنك الاتفاق مع زميلك على أجر معلوم على أن يقبضه زميلك منك، ثم هو بعد ذلك مخير في إنفاقه أو التصدق به، أو توكيلك في التصدق به، كما أنه ينبغي لصديقك أن يقوم بتوصيلك مجانا، ويبتغي بذلك الأجر والمثوبة من الله تعالى، فإن ذلك من مكارم الأخلاق، وشكر لنعمة الله عز وجل عليه، وفيه تيسير عليك والتيسير على المسلم مندوب إليه.
وقد ورد في الحث على إعانة الرفيق عدة أحاديث منها ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له قال فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالح الأصحاب.اهـ.
والله أعلم.