السؤال
سؤالي هو: كان والدي رحمة الله عليه عنده سيارة أجرة، وكان يشغل عليها هو وأخي، فمات أبي وقلنا نقدر ثمن السيارة ونعطي أخواتي البنات حقهن منها، فرفضوا وقالوا نأخذ حقنا من إيراد السيارة، مع العلم بأن أخي يعطي أمي ايراد السيارة. فكيف تكون القسمة؟ وهل من حق البنات رفض أخذ حقهم من السيارة وأخذه من الإيراد اليومي؟ ونحن إخوة 2بنات و3 رجال وأمي. وقد قمنا بتقدير ثمن السيارة 50000 جنيه، مع العلم بأن الحكومة سوف تأخذ السيارة نهاية السنة القادمة مقابل مبلغ 5000جنيه وتعطينا سيارة جديدة على أقساط لمدة خمس سنوات. فهل البنات يدفعن في هذا القسط أيضا أفيدونا جزاكم الله خيرا بالقسمة وفق شرع الله؟
سؤال آخر: هل من حق البنات أخذ حقهن من معاش أبي؟ وكيف تكون القسمة ؟
سوال آخر:والدي اشتري قطعة أرض بالتقسيط وقمنا أنا وأخي وأبي بسداد أقساطها، وقمنا ببناء دوررين بهذا البيت وكتب لنا والدي رحمة الله عليه البيت باسم 3 رجال، ومات أبي فقدرنا البيت 100000 جنيه، وقد قام أخي أثناء البناء بدفع مبلغ حوالي 20000 وأنا 30000 فهل نعطي البنات حقهن من قيمة البيت الكلية أو نخصم 50000 التي دفعنها أنا وأخي أثناء البناء؟ وشكرا وجزاكم الله خيرا وعافية.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يلزم البنات قبول ذلك وهن مثل الأبناء وسائر الورثة في تركة أبيهن يجري عليهن ما يجري على سائر الورثة. وإذا اخترن البقاء مع باقي الورثة في السيارة وأخذ سهمهن من غلتها فلهن ذلك ويشاركن غيرهم من الورثة في دفع الأقساط المذكورة . وليس للأبناء أن يأخذوا غلة السيارة ويصرفوها إلى الأم بمفردها دون رضى باقي الورثة، لأن غلة السيارة لجميع الورثة ولا يجوز التصرف في حقوقهم دون إذنهم ورضاهم، ولكل وارث من تلك الغلة بقدر نصيبه المقدر له شرعا في كتاب الله. فالأم مثلا لها من تركة زوجها الثمن ما دام له ولد، وللذكر من الأولاد مثل حظ الأنثيين وهكذا.
وأما معاش الأب فإن كان مستحقا له على الجهة التي تقدمه كأن يكون جزءا من راتبه ونحوه فهو تركة يقسم على جميع ورثته كل حسب نصيبه المقدر له شرعا، ومن ضمن الورثة بناته فلهن حقهن في المعاش على ذلك الاعتبار. وأما إن كان غير مستحق للميت وإنما هو هبة من جهة عمله أو غيرها فإنه يصرف حيث أمرت الجهة الواهبة له وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 105337.
وأما قطعة الأرض فإن كنت أنت وأخوك شاركتما أباكما في سداد ثمنها بالسوية على أساس مشاركته فيها فلكما منها بقدر ما شاركتما به أبيكما من ثمنها، وكذا إن كنتما لم تقصدا مشاركته وإنما قمتما بالسداد عنه من باب التبرع له وكافأكما على ذلك بأن وهبكما ثلثي بيته، فلا حرج في ذلك وتكون تلك الهبة ماضية لأن تخصيصكما لمسوغ معتبر وهو ما قمتما به من مساعدة أبيكما في سداد ثمن الأرض.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها، فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى. المغني.
كما أن الهبة ولو لم يعدل فيها الأب تمضي بالموت قبل التعديل على الراجح.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى: ( فإن مات ) معط ( قبله ) أي : التعديل ( وليست ) العطية ( بمرض موته ) المخوف ( ثبتت العطية لآخذ ) فلا يملك بقية الورثة الرجوع , نص عليه في رواية محمد بن الحكم والميموني ; لخبر الصديق , وتقدم , وكما لو كان الآخذ أجنبيا ; لأنها عطية لذي رحم ; فلزمت بالموت كما لو انفرد .
وبناء عليه فلكما ثلثا البيت وما بنيتما عليه من أدوار، ويبقى ثلث البيت - وهو نصيب الأب منه- تركة يقسم على جميع ورثته.
وعلى اعتبار تقييمه بمائة ألف جنيه كما ذكرتم فإن ثلثها وهو33،33333 هو الذي يقسم على ورثة الأب وأنتما من ورثته، ولكما من ذلك الثلث حظ بقدر نصيبكما المقدر لكما شرعا وهو ما بقي بعد الفروض المقدرة في كتاب الله كفرض الزوجة. فالباقي بعد الفروض يقسم على أبناء الميت وبناته للذكر مثل حظ الأنثيين لأنهم هم عصبته. قال تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين. {النساء:11}.
وعلى كل فإن المسألة شائكة ولا بد من رفعها إلى المحاكم الشرعية، أوعرضها على أولي العلم مباشرة ولا يكتفى فيها بالسؤال والجواب عن بعد، ففيها ما يقتضي الاستفصال وحصر الورثة وهل ترك الميت دينا أو وصية أو غير ذلك مما تختلف به الأحكام .
والله تعالى أعلم