حكم التعريض بخطبة امرأة على ذمة زوجها

0 331

السؤال

أحببت بنت خالتي منذ الطفولة وأحسست أنها تبادلني ذلك سرا، ولكن تمت خطبتها ونحن في سن16 سنة ولم أكن أستطيع التقدم في حينها لصغر سني وفضلت عدم البوح بذلك لها , حتى لا أؤثر على علاقتهما, وذهبت إلى أمي وشرحت لها الأمر ووعدتني بالتدخل لعدم التكافؤ بين الخاطب وبنت خالتى بشرط تفرغي للدراسة وفوجئت بزواجهما دون علمي، وبسؤال أمي صدمتني بأنها كانت تسايرني حتى أنتبه لدراستي, مما صدع قلبي لسنوات وجعل في قلبي حزن تجاه فعل أمي , وحاولت أن أنسى حبها بعدم محاوله رؤيتها لعدة سنوات ولكنى كنت أشعر بالذنب الشديد كلما راجعت ذكرياتنا أجالت بخاطري, وتمنيت لو طلقت لأتزوجها وفقدت الأمل بعد إنجابها, وبعدها التزمت وسلكت طريق العلم وتزوجت من امرأة أخرى محاولا نسيانها, ومرت سنين عدة حتى قدر الله أن تختلي أمي بها وعندما بكت بنت خالتي لأمي مصرحة باستحالة العيش مع زوجها لعدة أسباب شرعيه مع عدم وجود مأوى مناسب لها أفشت أمي سرى القديم بحبي لها، وأنها السبب في ما وصلنا إليه حالنا نحن الاثنين مطالبة إياها بالصفح معتقدة بذلك بأنها تكفر عما فعلته بنا قديما، وصرحت بسري الذي حافظت عليه 15 سنة بحبي لها وجاء ردها بأنها طالما انتظرت تقدمي لها في الصغر، وأخبرتني أمي بذلك بعد حين ففقدت عقلي بسبب شعوري بما عانت منه مثلما عانيت وعدم قدرتي على تقديم العون لها, وبعد فترة تقابلنا بالطريق العام على غير موعد لأول مرة قدرا فسألتها عن صحة قول أمي بأنها كانت تريد أن ترتبط بى فقالت: نعم ولكن لم يعد الأمر سوى حلم جميل لا سبيل لتحقيقه فقلت لها: (إن كنت ستتطلقين من زوجك لسبب شرعي بعيدا عن حبك لي- وهذا ما علمته قبل أن أصرح بذلك القول- فأنت الآن ـ بسبب أمي ـ تعلمين ما في قلبي نحوك ولعل الله يجمع بيننا ثانية) وتذاكرنا أيام الصبا وبعد ذلك شعرت بكارثة ما جنيت علي وعلى نفسي وما كان لي أن أقول ذلك خوفا أن تفتتن بقولي وتحاول الطلاق من زوجها بسببي بجانب الأسباب الأخرى التي قصتها على أمي.
وأنا الآن أسأل هل مجرد تذكري لعب الطفولة وارتباطي بها وورودها على خاطري ذنب أحاسب عليه؟ وهل قولي لها المحدد بين الأقواس يدخل تحت التخبيب مع عدم علمي بالحكم الشرعي للتخبيب إلا اليوم؟ وهل لو طلقت لي أن أتزوجها ؟ لذا قررت طرح مسألتي لعلى أجد قولا محايدا يدلني على الحق دون احتراز.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات أمر لا يقره الشرع، لكن إذا تعلق قلب الرجل بامرأة دون كسب منه وسعي في أسبابه فلا لوم عليه فيه، والمشروع له حينئذ -إن لم تكن كتزوجة- أن يخطبها من وليها فإن أجابه فبها ونعمت، وإن قوبل بالرفض انصرف عنها إلى غيرها.

وقد أخطأت أمك بإخبار هذه المرأة بما كان من رغبتك في زواجها، ثم أخطأت أنت بكلامك معها وتعريضك لها برغبتك في زواجها، فقد اتفق العلماء على حرمة التعريض بخطبة المطلقة الرجعية.

 قال القرطبي: ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعا لأنها كالزوجة.  الجامع لأحكام القرآن.

 فإذا كان هذا في المطلقة الرجعية فكيف بالتعريض بخطبة المرأة المتزوجة التي لم تطلق؟

جاء في فتاوى ابن تيمية:  فأما المرأة المتزوجة فلا يجوز أن تخطب تصريحا ولا تعريضا بل ذلك تخبيب للمرأة على زوجها وهو من أقبح المعاصي.

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده.  رواه أبو داود، وصححه الألباني.  بل ذهب بعض العلماء إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خببها على زوجها، معاقبة له بنقيض قصده ، وانظر الفتوى رقم: 118100.

وأما عن حكم ما يدور بنفسك من الخواطر واجترار الذكريات؟ فالإنسان لا يحاسب على مجرد حديث النفس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم.  متفق عليه.

لكن ننبهك إلى أن الاسترسال مع الخواطر باب إلى الفتنة والفساد.

 قال ابن القيم:  قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال وهي شيئان: أحدهما حراسة الخواطر وحفظها والحذر من إهمالها والاسترسال معها. فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال.  طريق الهجرتين.

 فالواجب عليك التوبة إلى الله والانصراف عن هذه المرأة المتزوجة والالتفات لما ينفعك في دينك ودنياك، أما إذا طلقت هذه المرأة من زوجها فلا حرج عليك في الزواج منها بعد انقضاء عدتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة