السؤال
أعمل في مؤسسة عمومية، والمدير المباشر لي لديه الكثير من الصلاحيات من بينها عقد الصفقات والموافقة عليها، ومن هذا المنطلق فهو يقوم بالاستحواذ ـ وبطرق قانونية ـ على كل الصفقات بدون استثناء ـ وبحكم أنني أقوم له بعمل كثير في المؤسسة ـ وقدأعطاني سند طلبية وهو خاص بطلبية في المواد المكتبية أو مواد التنظيف فأقوم بعمل فاتورة شكلية لهذه المواد وأشتريها باسم شخص له سجل تجاري، وأعطي صاحب السجل التجاري حقه عندما أتقاضى المبلغ في النهاية، فهل في ذلك حرج؟ مع العلم ـ شيخنا ـ أنه في القانون لا بد أن يضع المدير سند طلب للمواد التي يحتاجونها ثم تعطى لعدة ممولين وبعد مدة ـ وعند إحضار الفواتير الشكلية ـ يأخذ المدير بأقل الأسعار، لكن هذا لا تقوم به المؤسسة ولا الكثير من المؤسسات الأخرى، حيث يتم اختيار ممول من طرف المدير وإعطائه الصفقة مباشرة ربما لربح بعض الوقت، فهل في عملي هذا حرج؟ مع العلم أنه تجاري محض، حيث أشتري سلعا وأبيعها إلى المؤسسة بهامش ربح، مع اختيار أرفع أنواع السلع لكن بتجاوز الخطوات المذكورة أعلاه أي دون إصدار سند طلب أو فواتير شكلية، مع العلم أن المدير ـ زيادة على أنه المدير ـ هو الآمر بالصرف أي له صلاحيات الإدارة والمال.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الصورة المسئول عنها تكتنفها عدة محاذير شرعية يكفي أحدها في عدم جوازها، فكيف إذا اجتمعت؟ وهذه المحاذير هي:
1ـ أن الواجب على هذا المدير أن يلتزم بشروط ولوائح العمل، وأن يسعى في تحصيل مصلحة الشركة التي يعمل بها، ولا يجوز له أن يحابي بهذه الصفقات أو يشتري من نفسه، وإعطاؤك هذه الصفقات لأنك تقوم بعمل كثير له في المؤسسة فيه محاباة لك على حساب مصلحة الشركة، فالمفترض أن يعرض الصفقات على الممولين كما ذكرت ويختار أقلهم سعرا مع الجودة المطلوبة، أما تجاوز ذلك والسماح بإحضار فواتير شكلية وغير ذلك مما ذكر، فإن هذا غير جائز وهو من الخيانة للشركة، ولا يجوز لك أن تتعاون معه في ذلك.
2ـ أن عمل الفواتير الشكلية من الكذب والغش المحرمين، كما لا يجوز إعطاء صاحب السجل التجاري مالا مقابل السجل التجاري، وراجع في هذا الفتوى رقم : 59664.
3ـ أن حكمك في العمل لدى الشركة المذكورة حكم الأجير الخاص، ومن أحكام الأجير الخاص أنه لا يجوز أن يعمل أثناء الدوام لمصلحته الخاصة، لأن وقته ملك لجهة العمل، فلا يحق له أن يعمل في أوقات الدوام لغير صاحب العمل إلا بموافقته، ويستثنى من ذلك ما استثناه الشرع كالصلوات الخمس مع شروطها وسننها المؤكدة، أو ما استثناه العرف كأوقات الأكل والشرب وقضاء الحاجة ونحو ذلك، أو ما استثنى بشرط فلا يجوز لك القيام بهذه المعاملات وأخذ أجر على ذلك في وقت الدوام، إلا بإذن جهة العمل. وتكليف المدير لك بالعمل المذكور خارج عملك الواجب خارج عن صلاحيات المدير ومسئولياته.
والله أعلم.