السؤال
أنا مقيم في إحدى البلدان الآسيوية من فضلكم هل من توبة، كنت شابا أعظم شعائر الله وملتزما وتذوقت طعم حلاوة الإيمان فنعم النعم . بحلول الفتن على بلدي الأصلي اضطررت أن أهاجر هجرة شرعية مدة 10 سنوات منفيا عنه، خلال مدة هجرتي زلت قدمي وطوعت لي نفسي اقتراف الكبائر وكنت أعلم ما يترتب على ارتكابها ففعلتها تارة إن الله غفور رحيم، تارة اتباع الهوى تارة لتعالمي وجهلي وظلم نفسي أرجوكم أفيدونا . فبمجرد عزيمتي على التوبة النصوح والعودة إلى الله عودة صادقة فتبت من تلك الكبائر وكذلك بعض المعاصي، من حينئذ حتى يومنا هذا وأنا في حالة نفسية حتى صرت أتمنى لولم تلدني أمي، تارة أقول إنه ختم على قلبي أو أنا من الذين لن يغفر لهم الله، ومن الذين سلب الإيمان من قلوبهم وهذا لمخالفة أمره، وعند محاولاتي التضرع والبكاء إلى الله تغلب على ذهني أفكار إلحادية حتى تمنعني من الدعاء تاركة إياي أقول فيها الله جعل علي غشاوة، وتارة عند تلاوة للقرآن أحس أنه علي حسرة وبمحاولات للتدبر تلازمني تلك الأفكار الإلحادية نافية لي كل شيء حتى صرت لا أنام وأخاف من كل شيء وهذه الحالة معي ل 3 سنوات . ماذا علي لاقترافي للزنا وإرغامي تلك التي اقترفت تلك الكبيرة على إسقاط الحمل وذلك باتباع هواي وجهلي وشهواتي بتأويلي فتوى لصاحب جامع الحكم أنه لا شيء لإسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح للضرورة. فعلت هذا في الفترة المسماة وكما ذكرت بمجرد توبتي صارت تلازمني تلك الأفكار وأصبحت أقول إني قتلت نفسا متعمدا فليغفر الله لي ولهذا ما أنا عليه الآن ولمدة 3 سنوات فأجركم على الله أفيدونا بدواء شاف بجواب كاف؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فباب التوبة مفتوح بفضل الله تعالى لكل إنسان، ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو يعاين الموت ويتيقنه، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. {الزمر: 53}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
فهنيئا للتائب الصادق الذي يتبع سيئاته بحسنات ماحية، كما قال الله تعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين {هود: 114}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني.
فالله تعالى يحب المغفرة، فيغفر تعالى لمن يتوب إليه ويستغفره، كما جاء في الحديث الشريف: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. رواه مسلم. ونبشر السائل الكريم بقول الله سبحانه: إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما.{الفرقان: 70}.
فعليك أخي الكريم أن تنشغل بتحصيل توبة نصوح جامعة لشروط قبولها، من الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفا من الله تعالى وتعظيما له وطلبا لمرضاته، والعزم الصادق على عدم العودة إليها أبدا، مع رد المظالم إلى أهلها إن كان هناك مظالم. ثم اجتهد في تقوية إيمانك ورغبتك في الاستقامة، وقد سبق لنا بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة، وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، وبيان شروط التوبة ودلائل قبولها وما ينبغي فعله عندها، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10800، 1208، 93700، 5450، 75958، 29785، 2969.
وبالنسبة للإجهاض المذكور في السؤال فإنه محرم حتى ولو كان قبل نفخ الروح في الجنين، وراجع الفتوى رقم: 60900.
أما بالنسبة للأفكار الإلحادية التي تشكو منها فلا شك أن للشيطان الرجيم ثم للبلد التي هاجرت إليها أعظم الأثر في وجودها واستمرارها، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وسارع بقدر طاقتك أن تهجر هذه البلد إلى بلد مسلم تتقوى بأهله على طاعة الله تعالى. وراجع الفتوى رقم: 48325. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.