السؤال
أولا: ما هي المدة الزمنية بين المغرب والعشاء؟ أي متى يخرج وقت صلاة المغرب؟ هل بعد ساعة إلا ربعا من بدء أذان المغرب أو أكثر من ذلك؟.ثانيا: هل هناك خلاف بين المذاهب في هذه المسألة؟ وما هو الراجح؟.ثالثا: صلاة العشاء التي قد صليتها سابقا على أساس أن الزمن ساعة إلا ربعا بين المغرب والعشاء هل علي قضاؤها الآن؟ أم أن المسألة خلافية وفي الأمر سعة؟ حيث إن بعض المساجد عندنا يصلون العشاء بعد المغرب ب 45 دقيقة من أذان المغرب ويقولون إن هذا مذهب الشافعي.
فأرجو منكم الإجابة عن كل سؤال بشكل منفرد.
وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس الوقت الذي يفصل بين المغرب والعشاء محددا بالدقائق، ولكن آخر وقت المغرب هو أول وقت العشاء وذلك بمغيب الشفق الأحمر على الراجح من أقوال العلماء، وهذا يختلف باختلاف الأزمان، فهذا عن سؤالك الأول.
وأما عن سؤالك الثاني: وهو المتعلق بخلاف العلماء في هذه المسألة: فأعلم أنهم اختلفوا في أول وقت العشاء وبماذا يدخل؟ فذهب الجمهور إلى أنه يدخل بسقوط الشفق الأول وهو الأحمر.
وذهب أبو حنيفة: إلى أنه لا يدخل إلا بمغيب الشفق الأبيض.
وقد فصل ابن قدامة القول في المسألة فقال ـ رحمه الله: لا خلاف في دخول وقت العشاء بغيبوبة الشفق، وإنما اختلفوا في الشفق ما هو؟ فمذهب إمامنا - يعني أحمد رحمه الله - أن الشفق الذي يخرج به وقت المغرب ويدخل به وقت العشاء هو الحمرة، وهذا قول ابن عمر وابن عباس وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير والزهري والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وصاحبي أبي حنيفة.
وعن أنس وأبي هريرة: الشفق البياض، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وابن المنذر، لأن النعمان بن بشير قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: صلاة العشاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر الثالثة. رواه أبو داود.
وروي عن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة حين يسود الأفق.
ولنا: ما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر بالصلاة نام النساء والصبيان فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما ينتظرها أحد غيركم.
قال: ولا يصلي إلا بالمدينة وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق الأول إلى ثلث الليل. رواه البخاري.
والشفق الأول: هو الحمرة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق. رواه أبو داود.
وروى ثور الشفق: وفور الشفق: فورانه وسطوعه، وثوره: ثوران حمرته، وإنما يتناول هذه الحمرة، وآخر وقت المغرب وقت العشاء.
وروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت العشاء. رواه الدارقطني. انتهى.
فهذا عن سؤالك الثاني.
وأما سؤالك الثالث: وهو عن قضاء تلك الصلوات التي صليتها على هذه الصفة، فإذا كنت صليت شيئا من الصلوات قبل دخول وقت العشاء وسقوط الشفق الأحمر، فإن قضاءه واجب عليك، لأن هذه الصلوات ما زالت دينا في ذمتك ودين الله أحق أن يقضى.
وأما ما صليته من الصلوات في وقت العشاء فليس عليك قضاؤه، بل قد برئت منه ذمتك، ويمكنك الرجوع إلى التقاويم الموثوقة لتتبين ما إذا كان ما فعلته من الصلاة بعد مضي هذا الوقت المعين موافقا للصواب في نفس الأمر أو لا.
والله أعلم.