الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم من دخل بالصلاة قبل خروج الوقت وأطالها حتى خرج الوقت؟

السؤال

استيقظت لصلاة الفجر -ولله الحمد-، وتوضأت، وبقيت 8 دقائق لشروق الشمس، ومن حلاوة الصلاة سرحت فيها، ولم أنتبه للوقت، حتى مرَّت دقيقة من وقت الشروق. فهل أنا آثم؟ وهل الصلاة تعتبر قضاءً؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا فهمنا من السؤال أنك كبّرت تكبيرة الإحرام قبل خروج الوقت، وأطلت الصلاة حتى خرج الوقت، فإن كان هذا هو الواقع، وقد أدركت ركعة قبل طلوع الشمس؛ فقد أدركت الصلاة أداءً لا قضاءً، وإن أدركت أقلّ من ركعة، فقد اختلف الفقهاء، فمنهم من رأى أنها قضاء، ومنهم من يرى أن الأداء يدرك ولو بتكبيرة الإحرام في الوقت.

وقد ذكر صاحب المراقي هذه المسألة فقال:

وكونه بفعل بعض يحصل لعاضد النص هو المعول

وقيل ما في وقته أداء وما يكون خارجا قضاء.

قال في نشر البنود: يعني: أن كون الأداء حاصلًا بفعل بعض العبادة في وقتها، هو المعوّل عليه عندنا، والمشهور، للنص العاضد له، وهو حديث الصحيحين: (من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة)... وهل البعض المفعول في الوقت من الصلاة يجب أن يكون ركعة فأكثر، وهو المشهور عندنا الذي مشى عليه خليل بقوله: وتدرك فيه الصبح بركعة لا أقل، والكل أداء، أو يكون بأقل منها قولان.
قال حلولو، قال الشيخ ابن عبد السلام: وأمّا القول بأن الأداء فعل كل العبادة في الوقت؛ فليس في المذهب، نعم ذكر البرزلي كونه في المذهب.

وقيل ما في وقته أداء وما يكون خارجًا قضاء

يعني أن سحنون قال: ما صُليَ من الصلاة في الوقت، فهو أداء، وما صُلي بعده قضاء. اهـ.

ويمكن مراجعة الفتوى: 454612، للاطلاع على أقوال الفقهاء فيمن أدرك جزءًا من الصلاة قبل خروج وقتها.

ولا شك أن الدقائق الثمان التي أدركتها كافية لإيقاع الصلاة جميعها في الوقت، وكان الأولى بك أن تكمل الصلاة كلها قبل خروج الوقت.

قال النووي في المجموع: إذا شرع في الصلاة وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها، فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت قبل فراغها، فثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم، ولا يكره، لكنه خلاف الأولى.
والثاني: يكره.
والثالث: يحرم، حكاه القاضي حسين في تعليقه
. اهـ.

وفي مغني المحتاج للشربيني الشافعي: له في سائر الصلوات المد، وهو الأصح؛ لأن الصدّيق -رضي الله تعالى عنه- طوّل مرّة في صلاة الصبح، فقيل له: كادت الشمس أن تطلع، قال: لو طلعت لم تجدنا غافلين. ولكنه خلاف الأولى كما في المجموع؛ ولأنه -صلى الله عليه وسلم-: كان يقرأ فيها بالأعراف الركعتين كلتيهما. رواه الحاكم، وصححه على شرط الشيخين، وفي البخاري نحوه، وقراءته -صلى الله عليه وسلم- تقرب من مغيب الشفق، لتدبره لها.
والثاني: لا يجوز، لوقوع بعضها خارج الوقت، بناء على أن الصلاة إذا خرج بعضها عن الوقت تكون قضاء كلها أو بعضها
. اهـ.

وعلى ما صححه النووي والشربيني؛ فإنك لا تأثم بإطالة الصلاة حتى خرج الوقت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني