السؤال
أرجوكم فضميري يؤلمني جدا ولا أريد أن أعصي ربي فأجيبوني بفتوى خاصة، توفي أبي وهو لا يصلي ولا أعلم إن كان تهاونا أم جحودا، فقد كنت صغيرا 10 سنوات والآن عمري26، وسألت في موقعكم الممتاز- جزاكم الله خيرا- هل أدعو له بالمغفرة أم لا؟ وأحلتموني على فتاوى مشابهة بأن أغلب أهل العلم أفتوا بحرمتها والبعض بجوازها، وما زلت في حيرة وحسرة ولا أستطيع أن أدعو له ولم توضح الفتوى إذا أخذت برأي الذين أفتوا بالجواز هل أكون آثما ومتتبعا للرخص أم أن الأمر فيه سعة ولا يلحقني إثم نسبة لاختلاف العلماء؟ أجيبوني بفتوى خاصة؟ جزاكم الله عني كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزادك الله حرصا على الخير، فلا شك أن رغبتك في الدعاء لوالدك ثم تركك إياه خوفا من عدم جواز ذلك، يدل على تمسكك بدينك والتزامك بأحكامه، ثم اعلم أخي الكريم أن ما تسأل عنه فرع عن مسألة حكم تارك الصلاة، وقد اطلعت على خلاف أهل العلم في ذلك، وجمهور الفقهاء على أن تارك الصلاة تهاونا وتكاسلا مع اعتقاده وإقراره بفرضيتها لا يكفر كفرا مخرجا من الملة، ومن أهل العلم القائلين بتكفير تارك الصلاة كفرا مخرجا من الملة من يشترط لتكفير الشخص المعين أن يدعى للصلاة فيأبى الصلاة ويصر، فإذا لم تحصل هذه الدعاية لهذا الشخص فإنه لا يكفر كفرا مخرجا من الملة على هذا القول أيضا، ويكون قد مات مسلما، فيستحب الاستغفار له والترحم عليه، كما يجوز إهداء ثواب بعض الأعمال له، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 116798، 98124، 103984.
وحتى على القول بأن تارك الصلاة كسلا كفر مخرج من الملة، فقد يكون للمرء عذر لا نعلمه، فعندئذ يجوز في حقه الدعاء المشروط.
قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: القول الراجح عندنا أن من ترك الصلاة فهو كافر، وإذا كان الإنسان كافرا لا يحل أن يدعى له بالمغفرة أو الرحمة أو يتصدق له، لأن هذا لا يصل إليه ولا ينتفع به.. لكن هذه القضية قد يكون هذا الذي لا يصلي ولايصوم عاش في بيئة لا تدري شيئا عن الإسلام ولا عن الصوم ولا عن الصلاة، أو كان قد عاش في قوم لا يرون أن تارك هذه الأشياء كفر، أو عاش في قوم لا يرون أن تارك هذه الاشياء كافر.. وبناء على ذلك فإنه لا يموت على الكفر لجهله أو تأويله بتقليد هؤلاء، فيبقى موضوعه مشكوك فيه، ولو أن والدته قالت: اللهم إن كان ابني في علمك مسلما فاغفر له وارحمه. فعلقت الدعاء له بالشرط لكان ذلك جائزا ونافعا له إن كان في علم الله تعالى مسلما، فإن الشرط في الدعاء لا بأس به، قد جاء به القرآن في قوله تعالى في آيات اللعان: فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين* والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ* عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين* والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. فهذا دعاء علق بالشرط. انتهى.
وفي هذا مخرج للسائل الكريم إن كان الراجح عنده أو عند من يقلده كفر تارك الصلاة كسلا.
والله أعلم.