السؤال
قرأت فتوى على الانترنت غريبة أن من أدرك من وقت العصر أو العشاء ركعة تلزمه أيضا صلاة الظهر والمغرب؟
كيف ذلك وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ولم يأمر بإعادة الفريضة السابقة؟
مثلا رجل صلى الظهر في وقته وأدرك ركعة من العصر قبل الغروب هل عليه إعادة الظهر؟ وكيف يعيده بعد الغروب يعيد الظهر والعصر مرة أخرى؟ وماذا لو كان يجمع الظهر والعصر في آخر وقت العصر لو أدرك ركعة من العصر وهو أصلا جمع الظهر تأخير هل يجب عليه الإعادة ممكن التفصيل في هذه المسألة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الفتوى التي قرأتها صحيحة غير أن الخلل وقع في فهمك لها، فلا يقول أحد بأن من صلى الظهر في وقتها لزمته إعادتها إذا أدرك من العصر ركعة، ولا أنه يلزمه أن يعيد الظهر إذا جمعها مع العصر تأخيرا حيث يجوز الجمع إن كان أدرك من العصر مقدار ركعة، بل هذا فهم خاطئ بلا شك، وإنما مراد العلماء أن من كان عنده مانع من صحة الصلاة كالحيض والنفاس والكفر والجنون أو من وجوبها كالصبا، فإذا زال هذا المانع وقد بقي عليه من العصر مقدار ركعة فقد لزمته صلاتا الظهر والعصر، وهكذا يقال في المغرب والعشاء، فمن زال المانع له من الصلاة قبل خروج وقت العشاء بمقدار ركعة لزمته المغرب والعشاء، وهذا أحد الأقوال في المسألة، وفي المسألة أقوال أخرى تأتي في كلام ابن قدامة، وهذا القول أصحها، وهو موافق للدليل، فإن الصحابة رضي الله عنهم كابن عباس وعبد الرحمن بن عوف أفتوا الحائض إذا طهرت قبل المغرب أن تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل الفجر أن تصلي المغرب والعشاء، ووجه هذا القول من النظر أن وقت العصر وقت للظهر عند العذر، وكذا وقت العشاء وقت للمغرب عند العذر، وذلك حيث يجوز الجمع بين الصلاتين، وهذا من جملة الأعذار، قال النووي في شرح المهذب: إذا زال الصبا أو الكفر أو الجنون أو الاغماء أو الحيض أو النفاس في آخر الوقت فإن بقي من الوقت قدر ركعة لزمته تلك الصلاة بلا خلاف لحديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في الصحيحين أي حديث من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة... فإن كانت المدركة صبحا أو ظهرا أو مغربا لم يجب غيرها، وإن كانت عصرا أو عشاء وجب مع العصر الظهر ومع العشاء المغرب بلا خلاف أي في المذهب... واستدلوا على وجوب الظهر بإدراك آخر وقت العصر ووجوب المغرب بإدراك آخر وقت العشاء بأنهما كالصلاة الواحدة ووقت إحداهما وقت الأخرى في حق المعذور بسفر وهذا الحكم رواه البيهقي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وفقهاء المدينة السبعة رضي الله عنهم. انتهى باختصار.
وفصل الموفق مذاهب العلماء في هذه المسألة فقال رحمه الله كما في المغني: قال أي الخرقي: وإذا تطهرت الحائض وأسلم الكافر وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر فالعصر، وإن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر صلوا المغرب وعشاء الآخرة.
وروي هذا القول في الحائض تطهر عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وطاوس ومجاهد والنخعي والزهري وربيعة ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأبي ثور قال الإمام أحمد: عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده قال لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها وهو قول الثوري وأصحاب الرأي لأن وقت الأولى خرج في حال عذرها فلم تجب كما لو لم يدرك من وقت الثانية شيئا، وحكي عن مالك أنه إذا أدرك قدر خمس ركعات من وقت الثانية وجبت الأولى لأن قدر الركعة الأولى من الخمس وقت للصلاة الأولى في حال العذر وجبت بإدراكه كما لو أدرك ذلك من وقتها المختار بخلاف ما لو أدرك دون ذلك.
ولنا: ما روى الأثرم و ابن المنذر وغيرهما بإسنادهم عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس أنهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة تصلي المغرب والعشاء فإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا ولأن وقت الثانية وقت الأولى حال العذر فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثانية.
فصل: والقدر الذي يتعلق به الوجوب قدر تكبيرة الإحرام وقال الشافعي: قدر ركعة لأن ذلك هو الذي روي عن عبد الرحمن وابن عباس ولأنه إدراك تعلق به إدراك الصلاة فلم يكن بأقل من ركعة كإدراك الجمعة وقال مالك: خمس ركعات. انتهى.
وبهذا التفصيل يتضح لك أن هذه الفتوى المقروءة صحيحة في نفسها، ولكن ليس مراد صاحبها ما فهمته منها، بل الظاهر إن شاء الله أن مراده هو ما بيناه لك.
والله أعلم.