السؤال
أنا تعبان نفسيا منذ أن عرفت الدنيا، موضوعي هو القبائل والثأر اللعين، أنا لست راض عن الثأر من أجل ذلك أنا بعيد عن عائلتي وأنا أريد أن أذهب من هذه الدنيا؟
أنا تعبان نفسيا منذ أن عرفت الدنيا، موضوعي هو القبائل والثأر اللعين، أنا لست راض عن الثأر من أجل ذلك أنا بعيد عن عائلتي وأنا أريد أن أذهب من هذه الدنيا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمؤمن الحق لا يجد اليأس ولا القنوط إليه سبيلا، ولا يقع في هذه الصفات المهلكة إلا أهل الجهل والجحود، الذين لا يعرفون ربهم، ولا يقدرونه حق قدره، كما قال الخليل إبراهيم عليه السلام: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون. {الحجر: 56}، وكما قال نبي الله يعقوب عليه السلام: إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. {يوسف:87}، ولا يخفى أن هذا اليأس وذاك القنوط قد يستفحل أمره حتى يحمل صاحبه على سبب شقائه وهو الانتحار، الذي يستحق به المرء أليم العقاب، والخلود في العذاب، وقد سبق لنا بيان فظاعة إثم الانتحار وشدة جرمه ومرير أثره، وأنه لا يمكن أن يكون حلا لمشكلة أو نجاة من معضلة أو سببا لراحة، بل هو نفسه أعظم الكرب وأكبرها، فإنه ينقل المرء مما يظنه هما وشدة وغما وكربة، إلى عين ذلك وحقيقته، حيث يظل يعذب في قبره بوسيلة انتحاره إلى يوم القيامة، وبعد ذلك تنتظره نار جهنم والعياذ بالله، فراجع للأهمية الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10397، 22853، 14220.. وراجع في سبل الوقاية من الانتحار الفتويين: 33789، 113520.
أما المؤمن الذي يجمع بين حسن الظن بالله تعالى وصدق التوكل عليه، وبين الاستعانة به ورد الأمور إليه، وبين الصبر على قضائه والشكر على نعمائه، فهو الذي يستحق عاقبة الخير على كل حال، وبذلك نطق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.
واعلم أخي الكريم أنك إن اتقيت الله تعالى وصبرت على ما ابتليت به، فلا بد أن تكون عاقبتك حسنة، وأن تجد مما أنت فيه مخرجا وأن يتبدل عسرك يسرا، كما قال تعالى: وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط. {آل عمران:120}، وقال عز وجل: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا* ... ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا . {الطلاق:2-3-4}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
هذا مع ما ينتظرك عندئذ من الجزاء الحسن في الآخرة، كما قال صلى الله عليه وسلم: عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه، وحسنه الألباني. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها. رواه أبو يعلى وابن حبان والحاكم، وحسنه الألباني.
وأما ما يتعلق بمشكلة الثأر فقد سبق لنا بيان المنظور الشرعي لعلاجها، في الفتوى رقم: 62976، كما سبق أن بينا أسباب عدم السماح لولي المقتول باستيفاء القصاص دون الرجوع للحاكم، وذلك للتفريق بين شريعة القصاص وعادة الأخذ بالثأر، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 13598.
والله أعلم.