حكم إصرار الزوج على العزل عن امرأته مع رفضها

1 412

السؤال

أنا متزوجة من 5 سنوات و أعمل مدرسة قبل الزواج و لا زلت، وعندي سيارة من قبل الزواج، ومال، بنينا بيتا أنا وزوجي بمالي تقريبا وهو شارك بجزء قليل في البناء و الأرض منه، علما أن البناء كلف ضعف أو على الأقل مرة و نصف ثمن الأرض تقريبا، وعندما طلبت منه أن يسجل باسمي نصف المنزل رفض بشدة و لأشهر من المناقشات والمشاكل وافق قبل البدء بالبناء وسجل نصف الأرض باسمي على أن أعطيه المال للإعمار عليها و لكنه لم يكن راضيا بما فعل فهو كان يعتبر أن حقه أن يأخذ مالي و يعمر به على أرضه و يسجل البيت باسمه، ولم يصف قلبه حتى الآن وبدأت المشاكل تزداد وتدخل أهله لغضبهم لما فعل حيث إن الأرض أصلا من أبيه، الآن عندي بنت وولد عمره سنة و 9 أشهر ، أنا أرغب بالحمل بعد شهرين و هو يرفض رفضا قاطعا وأعلن أن هذا قرار يعود له، نحن نستخدم العزل كمانع للحمل وأنا أولا غير مرتاحة للعزل بطبيعة الحال و لكن قبلت به حتى نعمل فاصلا بين الأطفال، والآن أنا لا أرغب بالاستمرار به و أخاف من استخدام الحبوب و اللولب و أنا أصلا راغبة بالحمل. فهل يحق له منعي من الحمل ؟؟؟ هو يدعي بأنه يرغب بتأجيل الحمل لعام أو أكثر و لكن أنا لا أرغب بذلك و خاصة مع استمرار العزل، أنا أحاول أن أقوم بواجبي واعتبرت أنه يمنعني أولا من الحمل، و يعزل دون رضاي، وأشعر بعدم الرغبة نهائيا تجاهه و لكني أوافق على الجماع لإرضائه و مع ذلك هو لا يرضى فهو يريد أن يرى علامات السعادة و الفرح مني عند الجماع وأنه يجب أن أصل إلى قمة السعادة حتى لو كان يعزل و هو يعلم أنني غير راضية و أصلا أنا لا أسعد إلا في أوقات قبل الدورة التي يقل فيها احتمال الحمل حيث كنا قبل أشهر لا نعزل في هذه الفترة ولكن منذ عدة أشهر أصبح يريد العزل حتى في هذه الأيام وهو يعلم بأنها أكثر الأيام المريحة بالنسبة لي عاطفيا و جنسيا و صحيا حيث إن العزل الكامل و كما أخبرته يسبب جفاف الرحم، ومنذ ذلك الوقت أصبح يصر على العزل الدائم ، و وأصبح لا يقترب مني في فترة قبل الدورة و لكن عندما أبلغته برغبتي بالحمل أصبح يصر تماما على العزل طوال الوقت، فأيقنت أنه كان يخاف من الحمل حتى لو الاحتمال واحد بالمليون، وهو يعلم مضار العزل الدائم الآن أنا أجامعه ولكني لا أرغب بالوصول للذروة أثناء العزل و لكنه يرفض مجامعتي وحتى أن يستمر بالجماع إذا عرف بأني لن أصل للذروة، فهو يريد أن يشعر بأنه يقوم بكل واجباته ويعتبر أن وصولي الذروة هو واجبه الوحيد في الزواج، مع العلم أن الجماع يصير في الوقت الذي هو يرغب به لوحده ولا يهمه رضاي أو رغبتي أو سعادتي و يغضبني لأيام و ينكد علي ثم يأتي كأن شيئا لم يكن يرغب بالجماع ويفعل ما يريد. هل إظهار السعادة رغم التعاسة الشديدة التي أشعر بها واجب علي و من حقه رغم عزله رغما عني و منعي من الحمل؟ هل الوصول للذروة واجب علي حتى يرضى زوجي علما بأنه يعلم أن هناك ما يسعدني للوصول للذروة حتى لو بدون حمل وهو عدم العزل قبل الدورة بأيام قليلة وهو يعلم أنني لن أحمل بهذه الفترة و أنها مريحة لي وتسعدني و تفيدني طبيا و صحيا و مع ذلك لا يقبل؟ أن أنفق على المنزل ليس برضاي و زوجي يعلم ذلك فأنا لا أستطيع أن أتصرف ولا بقرش دون رضاه ليس لرغبتي أنا بل كي أتجنب عنفه و لسانه وإساءته و معاملته السيئة. يجب أن يأخذ الراتب كله وأن لا أتصرف بقرش منه، و إلا غضب ربنا ينزل علي و يصل الأمر للطلاق؟ هل هذا الزوج من الذين يستحقون القوامة؟ هل له حق الطاعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك على أن الزوج له على زوجته حق الطاعة والقوامة ما دام زوجا قائما بواجباته تجاه زوجته وأهم ذلك الإنفاق عليها قال تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.  {النساء:34}. 

 فجعل الله سبحانه القوامة ثابتة للرجل بأمرين الأول: ما وهبه الله من صفات التفضيل , والثاني: بإنفاقه على المرأة من بذل المهر وسائر النفقات والكلف التي أوجبها الله عليه لها في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه, ولذلك إذا أعسر الرجل بالنفقة جاز للمرأة الفسخ على الراجح لخروج النكاح عن مقصوده.

 جاء في تفسير الألوسي لهذه الآية: واستدل بها أيضا من أجاز فسخ النكاح عند الإعسار عن النفقة والكسوة وهو مذهب مالك والشافعي لأنه إذا خرج عن كونه قواما عليها ، فقد خرج عن الغرض المقصود بالنكاح.  انتهى.

ولكن لا شك أن زوجك قد وقع في بعض المخالفات الشرعية وضيع بعض حقوقك ومن ذلك العزل فإنه لا يجوز للرجل أن يعزل عن زوجته إلا برضاها فعن عمر رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه الإمام أحمد وابن ماجه.

قال الإمام مالك: لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها، ولا عن زوجته الأمة إلا بإذن أهلها. انتهى.
وروي عن ابن عباس: تستأمر الحرة في العزل، ولا تستأمر الجارية.  انتهى.
قال صاحب التمهيد: وقال الشافعي: وليس له العزل عن الحرة إلا بإذنها، وقد روي في هذا الباب حديث مرفوع في إسناده ضعف، ولكن إجماع الحجة على القول بمعناه يقضي بصحته. انتهى.

وإنما منع العزل عن الحرة إلا بإذنها لأنها تتضرر به من وجهين:

الأول: أنه يحرمها من حقها في الإنجاب وهذا لا يجوز إلا بإذنها لأن الإنجاب حق مشترك بين الزوجين لا يجوز لأحدهما الاستئثار به.

 قال ابن قدامة في المغني: ولأن لها في الولد حقا، وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.

الثاني: أن العزل يفوت في الغالب على الزوجة حق الاستمتاع، فلم يجز إلا بإذنها.

وعليه فلا يجوز لزوجك أن يؤخر الحمل دون موافقتك ولا يجوز له أن يعزل عنك إلا برضاك.

وأما أخذ مالك دون رضاك فهذا إثم عظيم من كبائر الذنوب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.

والإنفاق على البيت إنما يطالب به الزوج وحده ولا تطالب الزوجة بشيء من ذلك ولو كانت غنية. وقد بينا ماهية النفقة الواجبة على الزوج في الفتوى رقم: 113285.

 وأما الوصول إلى ذروة الاستمتاع ونحو ذلك مما تسألين عنه فنقول: الأصل أن تستجيب المرأة لزوجها في أمور الفراش والاستمتاع في كل ما يطلبه منها ما دام ذلك في حدود المعروف, ولكن ما دمت تتضررين من قيامه بالعزل بدون إذنك فلم تقدري على مطاوعته فيما يطلبه منك مما هو من كمال الاستمتاع فلا حرج عليك حينئذ .

وأصل هذه المسألة هو : هل يجب على الزوجة في أمور الفراش فعل ما يحصل به أصل الاستمتاع دون كماله أم يجب فعل ما يحصل به أصل الاستمتاع وكماله؟ وقد رجح بعض أهل العلم أن ما يحصل به أصل الاستمتاع يجب مطلقا وما يجب به كمال الاستمتاع يجب إذا طلبه الزوج.

 جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج: ولو قيل ما يتوقف عليه أصل التمتع يجب مطلقا, وما يتوقف عليه كماله كتحرك يجب إن طلبه وإلا فلا لم يبعد. انتهى.

ولكن هذا في الأحوال العادية دون الأمور الطارئة التي يضر فيها الزوج بزوجته فلا تقدر على مجاراته في مثل هذا فحينئذ لا حرج عليها إن شاء الله .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة