0 311

السؤال

هل يعتبر كافرا أو مرتدا من يفعل ذلك: الظهر في بلدنا على مذهب أبي حنيفة يتأخرعن وقته على المذاهب الثلاث الأخرى المعمول بها بساعة وأربعين دقيقة. رجل أحيانا يصلى الظهر (كسلا أو لانشغاله ببعض الأعمال أو مجهدا) في خلال هذا الوقت أي بعد أذان العصر المعمول به في بلدنا على المذاهب الثلاث، ثم يصلي العصر في خلال هذا الوقت. إذا سئل قال صليت الظهر على مذهب أبي حنيفة قبل خروج وقته والعصر على المذاهب الثلاث الأخرى لأن وقت العصر على المذاهب الثلاثة الأخرى دخل وسمعنا أذان المؤذنين. هل يعتبر كافرا أو مرتدا أو مرتكبا كبائر؟ بالرغم أن كلامه يتفق مع رأي المذاهب لكن مخالف للذي يعمل به في المساجد عندنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما السؤال عما إذا كان هذا الرجل كافرا أو مرتدا فجوابه أنه ليس  كذلك بلا شك، فإن مذهب جمهور العلماء أن من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها بالكلية أنه لا يخرج بذلك من الملة، وإن كان مرتكبا لكبيرة من أكبر الكبائر. وانظر الفتوى رقم: 130853، وهذا الرجل إنما يفعل ما يفعل بتأويل فكيف يظن أنه كافر أو مرتد! ومن ههنا فنحن نحذر من التسرع في إطلاق وصف الكفر أو الردة، ونبين أن الأصل هو بقاء المسلمين ممن يشهدون الشهادتين على أصل الإسلام حتى يحصل يقين بخلاف ذلك.

وأما عما يفعله هذا الرجل فليس مما ينبغي بلا شك، وبيان ذلك أن العلماء اختلفوا في أول وقت العصر، فذهب الجمهور إلى أنه يدخل بصيرورة ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال، وهذا القول هو الصحيح الموافق للأحاديث، وذهب أبو حنيفة إلى أن وقت العصر يدخل بأن يصير ظل الشيء مثليه، ويدل لمذهب الجمهور ما رواه أحمد والترمذي والنسائي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال له : قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال : قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله... الحديث، وللترمذي نحوه من حديث ابن عباس، قال في عون  المعبود: "وقد اختلفوا في أول وقت العصر فقال بظاهر حديث ابن عباس مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال أبو حنيفة: أول وقت العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال وخالفه صاحباه" انتهى.

 فإذا علمت ما ذكرناه من رجحان مذهب الجمهور وأنه الموافق للأحاديث فإنه ينبغي لهذا الرجل أن يحتاط لدينه ويخرج نفسه من خلاف أهل العلم، و يحرص على صلاة الظهر في وقتها على وفق مذهب الجمهور، فإنه إن صلاها قبل أن يصير ظل الشيء مثله برئت ذمته وكان مصيبا للوقت بالاتفاق، وإن أخر كما يفعل فهو آثم مفرط مستحق للوعيد عند الجمهور، ثم إن هذه الطريقة التي يتبعها من التخير بين الأقوال وانتقاء ما يشتهيه ويوافق هواه من المذاهب طريقة مذمومة، وقد بين العلماء رحمهم الله عدم جواز هذا المسلك وأنه من اتباع الهوى الذي ذمه الله تعالى.

 قال الغزالي في المستصفى: وليس للعامي أن ينتقي من المذاهب في كل مسألة أطيبها عنده فيتوسع. انتهى

وكثيرة هي نصوص العلماء وأقوالهم في ذم تتبع الرخص واختيار الأسهل من المذاهب لكونه الأسهل وأن ذلك اتباع للهوى، وفي الموافقات للشاطبي بحث موسع في هذه المسألة يحسن الرجوع إليه، وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها 44633، 120640، 128029.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة