إصرار العبد على الذنب يستوجب غضب الرب وإن لم يؤاخذ به غيره

0 170

السؤال

أب يكسب مالا حرام ونصحته بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به.فرد علي هذا الحديث وقال إن الله لا يحاسب أهل بيته أو ابنه البالغ وإنما يعاقبه هو فقط.
ونصحته ألا يزني وقلت له كما تدين تدان. فقال لي إن الله عادل فلو أني زنيت فما ذنب أختي أو بنتي أو زوجتي.
كيف يرد على مثل هذه الشبه تأصيلا وتفصيلا، علما أن هذه الشبه منتشرة بشدة في مجتمعنا. جزاكم الله خيراوهل من كتاب (غير تلبيس إبليس وإغاثة اللهفان ينصح به في هذا المجال ولكن يكون للعوام ))؟
جزاكم الله عنا خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا إشكال أن الله تعالى لا يؤاخذ العبد بذنب غيره، كما قال عز وجل: ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى. {الأنعام: 164}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ولا يجني والد على ولده، ولا ولد على والده. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وابن ماجه، وحسنه الألباني.

فكسب الوالد إذا كان حراما فإثمه عليه وحده، وأما الابن فإنه إذا بلغ وكان مال والده كله من الحرام، فلا يحل له أن يتناول شيئا منه إلا إذا لم يجد غيره، فله عندئذ أن يتناول منه على قدر الضرورة، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 128069. وكذلك لا يلزم من وقوع الشخص في فاحشة أن يقع أهله في مثلها، كما سبق بيانه في الفتويين:76513 ، 116503.

ولكن تناول هذا الموضوع بهذه الطريقة لا يصح، فهذا يعتبر حيدة عن الأصل وبعدا عن القصد؛ فإن خطورة الذنب في كونه سببا لسخط الله وغضبه، واستحقاق عقوبته ومقته. وفي هذا زجر أكيد، ورادع شديد، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فلو أن المذنب أيقن أنه وحده الذي يعاقب على ذنبه، ولا يعاقب عليه أحد من أهله، فهل بذلك زال الإشكال وارتفع النكال ؟! ألا يذكر هذا قول الحق تبارك وتعالى: فإذا جاءت الصاخة * يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه* وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه * وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها * أولئك هم الكفرة الفجرة * {عبس:33-42}.... ألا يتدبر هذا قول الله سبحانه: يوم تكون السماء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن * ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه* كلا إنها لظى* نزاعة للشوى * تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى * {المعارج:8-18}.

وأما الكتب التي في هذا المجال غير ما ذكر، فأشهرها كتاب (ذم الهوى) لابن الجوزي. وكتاب (الداء والدواء) لابن القيم.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات