السؤال
إخواني في الله بعد التحية:
منذ عامين تغيرت أحوالي، كنت ملتزما جدا بالصلاة والقرآن، لكن أصبحت لما أقرأ القران أشعر بضائقة في صدري حتى أتوقف، وأصبحت أتثاقل عن الصلاة، وأحيانا أرى في المنام أني أسقط من الأعالي، وعندما أقرأ أذكار المساء أسمع أصواتا غريبة، والله ما أدري ما بي، وبصراحة كرهت الوضع الذي أنا فيه؛ لأني ابتعدت بدرجة كبيرة عن خالقي، فاشعر أنني إنسان منافق حتى أصبحت والعياذ بالله أتفنن في الكذب ولا أدري لما أكذب؟ أحيانا أرتكب معصية، وعند ارتكابي لهذه المعصية أستغفر الله في قلبي، ولا أريد فعل أشياء كثيرة حرام، لكن أفعلها رغما عني، والله لم أفهم شيئا هل هو ابتلاء؟ أم أنا إنسان حقير ومنافق؟ أم ربنا جل وعز طبع على قلبي، والله كرهت وضعي وأنا خائف جدا أن أموت وأنا على هذه الحال، وفي كل مرة يزداد تألمي وحسرتي على نفسي لكن أرجع للمعصية أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله
ادعوا لي بالهداية، وأفيدوني جزاكم الله كل خير وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى أهله وصحبه الأخيار
محبكم في الله .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما تشعر به من الألم لبعدك عن الله تعالى أمر حسن، وهو دليل على أن قلبك لم يزل حيا، ولكن عليك أن تتبع هذا الشعور بالمحاولة الجادة للتغيير وإزالة ما أنت فيه لتتخلص من هذا العناء، فإن العبد لا يحس بطعم السعادة ولا يذوق للحياة لذة إلا إذا تقرب إلى ربه تعالى واجتهد في طاعته، فالإيمان والعمل الصالح مقرونان بالحياة الطيبة في الدنيا والبرزخ والآخرة، قال تعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون {النحل:97}.
واعلم أن هذا الضيق الذي تشعر به عند الذكر وقراءة القرآن جاء نتيجة حتمية للانهماك في المعاصي والاسترسال فيها، فإن من علامة السيئة السيئة بعدها، فعليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحا مستغرقة لجميع الذنوب التي ذكرتها من الكذب والتثاقل عن الصلاة وغيرها مما لم تذكره، وإذا تبت إلى الله التوبة النصوح التي تشمل الندم على الذنب، والعزم الجازم على عدم العودة إليه، وكانت هذه التوبة شاملة لذنوبك كلها، فثق أن الله تعالى سيذيقك حلاوة المناجاة، ويبعد عنك تلبيس الشيطان، ويقيك من كيده ومكره، وزعمك أنك تفعل المعصية رغما عنك ليس بصحيح، فإنك إنما تفعلها بإرادتك ومشيئتك، ولا يكفيك للتخلص من هذه المعاصي أن تتحسر على فعلها وتندم على ارتكابها، ولكن لا بد لك من عزيمة قوية وتصميم على ترك تلك المعاصي والتوبة منها، ولو اطلع الله تعالى منك على الإخلاص له والصدق في التوبة وصحة العزم على الإقلاع عن الذنوب، فإنه تعالى سيوفقك لتركها ويعينك على التوبة منها، فإنه تعالى يقول: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين {العنكبوت:69}
وأخبر الله تعالى أن من تقرب إليه شبرا تقرب الله إليه ذراعا، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب الله إليه باعا، ومن أتاه يمشي أتاه الله تعالى هرولة، فاصدق مع ربك تعالى فإن من صدق الله صدقه الله، وأقبل عليه بإخلاص وعزم وجد في ترك المعصية والحفاظ على الطاعة وستنال توفيقه ومعونته تعالى، نسأل الله لنا ولك الهداية والتوبة النصوح.
والله أعلم.