السؤال
في بلادنا يشترطون على الساكنين في المناطق الفلاحية أنه ليس لهم الحق في بناء مدجنة أو إسطبل إلا إذا تجاوزت مساحة العقار 10000 متر مربع. و لكني لا أملك إلا 8000 متر مربع. هل يمكنني أن أبني مدجنة؟ علما أن كل المجاورين يقومون بالبناء دون توفر المساحة المطلوبة وذلك بعلم السلطات.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن المرء يملك حق التصرف في ما يملكه من عقارات وغيرها، سواء بالبناء أو الزراعة أو غيرها. وتصرف ولي الأمر بتقييد هذا المباح إنما تجب طاعته فيه إذا تعينت فيه المصلحة أو غلبت، عملا بالقاعدة الفقهية التي تقول: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة. وراجع في ذلك الفتويين: 125687 ، 126169.
وعلى ذلك فإذا خلت هذه القوانين من مراعاة المصلحة العامة والخاصة، ولم يكن في مخالفتها ضرر ولا فتنة، كما هو ظاهر من قول السائل: (وذلك بعلم السلطات) ـ فلا حرج إن شاء الله في بناء ما يريده المالك في عقاره، مما لا يضر بالمصالح العامة.
قال الخادمي في (بريقة محمودية): قال في الفتاوى: وكل مأمور بإطاعة من له الأمر إن على الشرع فبها، فإن لم يكن على الشرع فإن أدى عصيانه إلى فساد عظيم فيطيع فيه أيضا؛ إذ الضرر الأخف يرتكب للخلاص من الضرر الأشد والأعظم .. والمفهوم من الفقهية أن كل مباح أمر به الإمام لمصلحة داعية لذلك فيجب على الرعية إتيانه. اهـ.
وجاء في (تحفة المحتاج): الذي يظهر أن ما أمر به ـ يعني ولي الأمرـ مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا فقط، بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا. اهـ.
وفيه أيضا: يتجه الوجوب في المباح حيث اقتضاه مصلحة عامة لا مطلقا، إلا ظاهرا لخوف الفتنة والضرر، فليتأمل إذا كان كون المصلحة وعمومها بحسب ظنه فظهر عدم ذلك، ويلوح الاكتفاء بالامتثال ظاهرا. اهـ.
وقال زكريا الأنصاري في (شرح البهجة الوردية): أقول: وكذا مما فيه مصلحة عامة أيضا فيما يظهر إذا كانت تحصل مع الامتثال ظاهرا فقط، وظاهر أن المنهي كالمأمور فيجري فيه جميع ما قاله الشارح في المأمور .. ويكفي الانكفاف ظاهرا إذا لم تكن مصلحة عامة أو حصلت مع الانكفاف ظاهرا فقط. اهـ.
والله أعلم.