أنا شاب عمري 33 عاما، متزوج ولدي طفل عمره ثلاثة أعوام ولله الحمد. مشكلتي هي أن زوجتي لا تسمع كلامي ولا تطيعني وتجعلني أتعصب، مع العلم بأنني أغضب من أتفه الأشياء، وقد هددتها بالطلاق في أكثر من مرة كأن أقول لها مرة "إذا وضعت طفلي عند أمك أكثر من 12 ساعة بمفرده، فستكونين طالقا" ومرة أخرى قلت لها "إذا خرجت من المنزل بعد الساعة 9 مساء إلا للضرورة تكونين طالقا"، ومرة ثالثة "إذا كويت لي ملابس، تكونين طالقا"، أنا أهددها بالطلاق كي تسمع كلامي ولا تعصيني. فهي عنيدة جدا وتجادل كثيرا.
سؤالي هو: هل يقع هذا الطلاق، مع العلم بأن زوجتي فعلت هذه الأشياء فيما بعد، كما أنني طلقت زوجتي مرة أولى في لحظة غضب بأن قلت لها: أنت طالق، وفي المرة الثانية قلت لها: أنت طالق أيضا، أعتقد أنني بذلك قد طلقتها مرتين؟ هل هذا صحيح مع العلم أنه في كلا المرتين كنت شديد الغضب وعصبي جدا بسببها. سؤالي كذلك: هل يجب علي الذهاب إلى شيخ أو مأذون كي أرجع زوجتي؟ هل هذا صحيح؟ وقد سمعت بأن البعض قالي لي لو عاشرت زوجتك بدون اللجوء إلى شيخ تكون قد أرجعتها. الرجاء الإفادة وقد قطعت عهدا على نفسي بعدم تكرار هذا اللفظ مرة أخرى وعدم العصبية بإذن الله. الرجاء الرد على نفس البريد الالكتروني؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء نحذرك من الغضب، فإنه خلق ذميم يضر بدين المرء ودنياه، وقد روى أبو هريرة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: "لا تغضب" فردد مرارا قال: "لا تغضب". أخرجه البخاري وغيره.
وأما قولك لزوجتك: إن فعلت كذا تكونين طالقا أو فستكونين طالقا. فيرجع فيه لنيتك. فإن كنت تقصد تعليق الطلاق على فعل هذه الأشياء التي ذكرتها - على الظاهر – فهذا طلاق معلق، وقد ذهب الجمهور إلى أن الطلاق المعلق يقع بحدوث ما علق عليه.

 وقد سئل الشيخ عليش: عمن قال علي الطلاق ثلاثا إن كلمت زيدا تكونين طالقا. فهل يلزمه إن كلمت زيدا الطلاق الثلاث أم لا ؟ فأجاب بقوله : الحمد لله. يلزمه واحدة إن لم ينو أكثر ; لأن جواب الشرط تكوني طالقا. انتهى من فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق إذا كان الحالف لا يقصد إيقاعه وإنما كان قصده مجرد الزجر أو المنع أو الحث، وهو كاره للطلاق، ولا يلزمه حينئذ إلا كفارة يمين عند الحنث.

ولا شك أن الراجح هو رأي الجمهور. وبناء على ذلك طالما وقع ما علقت عليه الطلاق فإنها تحتسب تطليقة في كل مرة من هذه المرات.

أما إن كنت تقصد بهذا اللفظ مجرد إيعادها بالطلاق بمعنى أنها إن فعلت المحلوف عليه فستوقع عليها الطلاق فلا يترتب على ذلك بمجرده شيء ما لم تنفذ وعدك وتوقع الطلاق فعلا .

أما المرتان اللتان تلفظت فيهما بصريح الطلاق فإنه يقع بلا خلاف، والغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا في حالات معينة. وقد سبق أن فصلنا القول في حكم طلاق الغضبان فراجعه في الفتوى رقم: 11566.

ثم عليك بمشافهة بعض أهل العلم أو مراجعة المحكمة الشرعية لتنظر هل وصل بك الغضب إلى الحد الذي يمنع وقوع الطلاق أم لا؟ وليقفوا منك على بعض التفاصيل التي قد يصعب بيانها بواسطة الكتابة.

والله أعلم.