السؤال
زوجي قال لي في لحظة غضب: "عليَّ الطلاق بالثلاث" أثناء شجار بيننا، وأضاف أنه سيقوم بالاتصال بأمي لإخبارها بما فعلتُ، إن كان ذلك صحيحًا أم لا، لكنه لم يقم بالاتصال بها. فهل وقع الطلاق في هذه الحالة؟
زوجي قال لي في لحظة غضب: "عليَّ الطلاق بالثلاث" أثناء شجار بيننا، وأضاف أنه سيقوم بالاتصال بأمي لإخبارها بما فعلتُ، إن كان ذلك صحيحًا أم لا، لكنه لم يقم بالاتصال بها. فهل وقع الطلاق في هذه الحالة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أنّ الغضب الذي لا يزيل العقل بالكلّية؛ لا يمنع وقوع الطلاق، وأنّ الحلف بالطلاق يقع به الطلاق عند الحنث، سواء قُصِدَ به إيقاع الطلاق، أو قصد به التهديد، أو التأكيد، ونحوه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثًا، وهذا قول جماهير أهل العلم.
وذهب بعض أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنّ الحلف بالطلاق بقصد التهديد، أو التأكيد، وليس بقصد إيقاع الطلاق؛ لا يقع. ولكن تلزم بالحنث فيه كفارة يمين، وعند قصد الطلاق بلفظ الثلاث، تقع طلقة واحدة.
والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وانظري الفتويين: 337432، 30144.
فإن كان زوجك حلف بطلاق الثلاث، وحنث في يمينه؛ فالمفتى به عندنا وقوع الطلاق ثلاثا، وحصول البينونة الكبرى، لكن الحكم بحنثه في يمينه؛ يتوقف على معرفة ما نواه بيمينه، فالراجح عندنا؛ أنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك؛ أنَّ مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ، أو مخالفًا له... والمخالف يتنوع أنواعًا:
أحدها: أن ينوي بالعام الخاص...
ومنها: أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقًا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرًا.
فقد يكون زوجك قصد بيمينه إخبار أمّك في الحال، وقد يكون قصد إخبارها على التراخي؛ فلا يحنث إلا بفوات الوقت الذي قصده، أو بفوات وقت الإمكان، إذا لم يحدد زمنًا.
وما دام في المسألة تفصيل في الحكم حسب نية الزوج، وخلاف بين أهل العلم في حكم الحلف بالطلاق، وكونه بلفظ الثلاث؛ فنصيحتنا أن يشافه زوجك من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم والديانة في بلدكم، ويعمل بفتواهم.
وعلى الزوج أن يجتنب الحلف بالطلاق؛ فالحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأمّا الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه؛ ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني