السؤال
سلام عليكملي صديق يرقي بالقرآن كما أنه عندما يقرأ على شخص له صفة معينة في عينيه يرى هذا الشخص المستلقي المغمض العينين كما لو أن روحه تغادر جسده لتتنقل من مكان لآخر فيدخل من باب يتجلى أمامه ليجد نفسه في عالم الجن المؤمنين فيستقبلونه ويتحدثون معه ويجيبونه عما يسأل عنه مثل ما إذا كان شخص ما مصابا بسحر أو غيره... وأشياء أخرى تحدث في عالمنا مثل اسم السارق إن صديقي يظن أن روح ذلك الشخص هي التي تخرج من جسده وأن بإمكانها الانتقال فيستعين بها للإجابة عن أسئلته ولرقية المصاب حتى ولو كان بعيدا عنهما...أسأل عن إمكانية حدوث مثل هذا؟ وعن حدوده ومشروعيته؟ مع العلم بأن صديقي لا يستعمل السحر فقط القرآن والطيب والماء نرجو أن تستعينوا للجواب عن هذا السؤال بمن لهم خبرة بالرقية وعالم الجن والروحانيات. جزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الروح لا تفارق جسد صاحبها إلا بأمر الله تعالى، فهو الذي خلقها، ولا يعلم كنهها إلا هو، كما قال تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) [الإسراء:85].
والروح لا تخرج من صاحبها إلا في حالتين بينهما الله تعالى في كتابه:
الحالة الأولى: عند النوم.
والحالية الثانية: عند الموت.
وهما المذكورتان في قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [الزمر:42].
وقال تعالى: (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) [الأنعام:60].
وقد عقد ابن قيم الجوزية فصلا في كتاب الروح بين فيه خروج أرواح المؤمنين في النوم، وما يحدث لها مع أرواح الأموات، فقال: وهل تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات أم لا؟
شواهد هذه المسألة أكثر من أن يحصيها إلا الله تعالى، والحس الواقع من أعدل الشهود بها، فتلتقي أرواح الأحياء والأموات، كما تلتقي أرواح الأحياء. ا.هـ.
وقال أيضا: وقد دل على التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحي يرى الميت في منامه فيستخبره، ويخبره الميت بما لا يعلم الحي، فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل. ا.هـ.
وقد ورد في تفسير آية سورة الزمر السابقة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتساءلون بينهم، فيمسك الله أرواح الموتى، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها.
وعن السدي قال: يتوفاها في منامها، فيلتقي روح الحي وروح الميت، فيتذاكران ويتعارفان، قال: فترجع روح الحي إلى جسده في الدنيا إلى بقية أجلها، وتريد روح الميت أن ترجع إلى جسده فتحبس. ا.هـ.
فهذه هي تصرفات الروح بأمر الله رب العالمين، أما الذي يفعله صاحبك، فليس له علاقة بالروح، لأنه لا يستطيع إحضارها، ولا صرفها، إذ لا يملك حركتها ولا سكونها إلا الله، وما يقوم به هذا الرجل ما هو إلا تحضير للجان، للاستمتاع بهم، وهذا الفعل محرم شرعا، لأن الله تعالى ذم صاحبه في القرآن وتوعده بالنار، فقد قال تعالى: (وقال أولياؤهم من الأنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم) [الأنعام:128].
وقد ذكر علماء التفسير أن المقصود باستمتاع الجن بالإنس هو طاعتهم فيما يأمرونهم به، واستمتاع الإنس بالجن هو مساعدتهم وإخبارهم بما يريدون من أخبار الماضي والمستقبل، وهم في أكثر ما يخبرون كاذبون، كما قال تعالى: (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون) [الشعراء:220-223].
وقال تعالى: (وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) [الجـن:6].
وما ذكرت من أنه يعالج المصاب بهذه الطريقة - ولو كان بعيدا - غير صحيح، لأن الرقية لابد أن تكون مباشرة على المريض، سواء كانت بالقراءة أو بشرب الماء المقروء عليه الرقية، أو بالادهان بالزيوت كذلك، ولا يعالج عن بعد إلا السحرة الذين يستخدمون الجن عن طريقة الاستمتاع التي ذكرناها لك سابقا.
والله أعلم.