السؤال
كان أبي رحمه الله قد اشترى جهازا لإدخال خدمة الإنترنت إلى المنزل، وقد اشترك معه جيراننا وما حدث أنه كان يقسم عليهم ثمن الاشتراك ويدفعه للمحصل دون أن يدفع هو شيئا. وهنا أسأل سؤالين: هل يجوز ذلك الأمر نظرا لأن اشتراك الفرد وحده لا يقل عن مائة جنيه؟ ثم هل يجوز ألا ندفع شيئا ونحن الذين نزود الخدمة لجيراننا فلم يكن أبي يتكسب شيئا ولكنه لم يكن يدفع. وإن كان غير جائز ما الذي بوسعي أنا فعله وقد اشترك معنا الكثير من جيراننا؟ كيف أنهي هذا الاشتراك وهل علي وزر فيما سبق؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الواقع أن الوالد قد امتلك منفعة هذه الخدمة لوحده، فله بعد ذلك أن يتصرف فيها تصرف المالك من تأجيرها على غيره أو هبتها له.
وأما إن كان الواقع أنه اشترك مع غيره في امتلاك هذه المنفعة واتفقوا على صورة معينة لتوزيع الانتفاع بهذه الخدمة، فيجب الالتزام بما اتفق عليه، ولا يجوز مخالفته إلا بإذن بقية الشركاء.
فإن تعسر معرفة الاتفاق أو العقد الأصلي حين ابتداء هذه الخدمة في حياة الوالد، فيمكن معرفة ما إذا كان هو المنفرد بامتلاك هذه الخدمة أو أنه شريك فيها، بالنظر إلى تحمل مسؤوليتها وأعباء صيانتها ومتابعتها، وكذلك تحمل تكلفتها في حال خروج بعض المنتفعين منها، فإن كان الوالد هو من يقوم بذلك وحده فهو مالك المنفعة، وإن كان غيره يقوم بذلك معه فإنه شريك وليس مستأجرا.
جاء في (الموسوعة الفقهية): لا يستحق الربح إلا بالمال أو العمل أو الضمان؛ فهو يستحق بالمال لأنه نماؤه فيكون لمالكه. ومن هنا استحقه رب المال في ربح المضاربة. وهو يستحق بالعمل حين يكون العمل سببه، كنصيب المضارب في ربح المضاربة اعتبارا بالإجارة. ويستحق بالضمان كما في شركة الوجوه، لقوله صلوات الله وسلامه عليه: "الخراج بالضمان" أو "الغلة بالضمان". أي من ضمن شيئا فله غلته ... فإذا لم يوجد أحد هذه الأسباب الثلاثة التي لا يستحق الربح إلا بواحد منها، لم يكن ثم سبيل إليه. اهـ.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 136092، 107173، 133375، 114376.
فإن عرف بعد النظر في ذلك أن الوالد كان شريكا في هذه الشبكة وليس مالكا لها، وأنه لم يكن يدفع ما تعين عليه من قيمة الاشتراك، فهي حق عليه في ذمته، فإما أن تستحلوا له من شركائه بأن يسامحوه ويتنازلوا عن حقهم، وإما أن تحسب هذه القيمة وترد عليهم.
ثم هنا مسألة أخرى، وهي حكم توزيع خدمات الإنترنت من حيث الأصل، فإن من علم من حاله أنه يستعملها في الحرام لم يجز إعانته على توصيل هذه الخدمة، وراجعي تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 121207، 59770 ، 123982.
والله أعلم.