السؤال
ما هو حكم التمسح الشديد بالحجر الأسود والالتصاق به طويلا والبكاء الحار عنده لحصول بركة الشفاء من مرض أو الخروج من مصيبة؟ وأيضا التعلق والالتصاق بأستار وحوائط الكعبة لنفس الأغراض؟
ما هو حكم التمسح الشديد بالحجر الأسود والالتصاق به طويلا والبكاء الحار عنده لحصول بركة الشفاء من مرض أو الخروج من مصيبة؟ وأيضا التعلق والالتصاق بأستار وحوائط الكعبة لنفس الأغراض؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالمشروع عند الحجر الأسود هو تقبيله إن أمكن، وإلا فاستلامه أو الإشارة إليه على ما هو مبين في موضعه، والمسلم إذ يفعل ذلك فإنه يفعله تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعا له، وأما الحجر نفسه فلا يضر ولا ينفع كما قال عمر وهو يقبل الحجر: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. وإذا كان الأمر كذلك فإنه لم يرد في السنة شيء يدل على مشروعية التبرك بالحجر الأسود أو بشيء من أحجار الكعبة، ففعل ذلك طلبا للشفاء من مرض أو الخروج من مصيبة ليس أمرا مشروعا، بل هو من الأمور المحدثة التي يجب التحذير منها، وإنما يقتصر على فعل ما ورد من تقبيل الحجر ونحو ذلك كاستلام الركن اليماني، والوقوف عند الملتزم لدعاء الله تعالى، ولا يزاد على ذلك، فإن أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله وقد سئل عن حكم التمسك بالكعبة المشرفة ومسح الخدود عليها ولحسها باللسان ومسحها بالكفوف ثم وضعها على صدر الحاج؟ فأجاب الشيخ بما عبارته: هذا من البدع التي لا ينبغي وهي إلي التحريم أقرب؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغاية ما ورد في مثل هذا الأمر هو الالتزام بحيث يضع الإنسان صدره وخده ويديه على الكعبة فيما بين الحجر الأسود والباب لا في جميع جوانب الكعبة كما يفعله جهال الحجاج اليوم، وأما اللحس باللسان أو التمسح بالكعبة، ثم مسح الصدر به أو الجسد فهذه بدعة بكل حال؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وبهذه المناسبة أود أن ألفت نظر الحجاج إلى أن المقصود بمسح الحجر الأسود والركن اليماني هو التعبد لله تعالى بمسحهما لا التبرك بمسحهما خلافا لما يظنه الجهلة حيث يظنون إن المقصود هو التبرك، ولهذا ترى بعضهم يمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود ثم يمسح بيده على صدره أو على وجهه أو على صدر طفله أو على وجهه، وهذا ليس بمشروع وهو اعتقاد لا أصل له، ففرق بين التعبد والتبرك، ويدل على أن المقصود التعبد المحض دون التبرك أن عمر رضي الله عنه قال وهو عند الحجر: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. وبهذه المناسبة أيضا أود أن أبين أن ما يفعله كثير من الجهلة يتمسحون بجميع جدران الكعبة وجميع أركانها فإن هذا لا أصل له وهو بدعة ينهى عنه، ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية رضي الله عنه يستلم الأركان كلها أنكر عليه، فقال له معاوية ليس شيء من البيت مهجورا، فأجابه ابن عباس (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين، فرجع معاوية إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما، فدل هذا على أن مسح الكعبة أو التعبد لله تعالى بمسحها أو مسح أركانها إنما هو عبادة يجب أن تتبع فيه آثار النبي صلى الله عليه وسلم فقط. انتهى. وأما الحديث الذي يروى في بكاء النبي صلى الله عليه وسلم طويلا عند الحجر وقوله لعمر: ههنا تسكب العبرات، فقد أخرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف، فيه محمد بن عون. قال الحافظ في التقريب: متروك. ولذا حكم الألباني على هذا الحديث بأنه ضعيف جدا. والله أعلم.