السؤال
أعاني من مشاكل مع زوجتي، حيث إنني متزوج منذ سنة. فمن هذه المشاكل أنها تطلب على الدوام زيارة أهلها، و أحيانا المبيت عندهم. فأنا لا أطيق غيابها والطفل عني، و أخبرتها بذلك وهي لا تصدق، و تدعي أني أكره أن أراها سعيدة بزيارة أهلها. ولقد أخبرتها إنني لن أجعلها تبيت عند أهلها، وستكون الزيارة ليوم كامل كل أسبوعين مرة. فهل أنا أظلمها بهذا القرار، ومن جهة أخرى أجبرتها على لبس الخمار غطاء الوجه لاعتقادي بوجوبه ولغيرتي عليها، حيث إنها لا تلبسه بالشكل الصحيح (يظهر جزء من الحاجبين وتحت العين وكفاها غير مغطاتين)، وكلما أطلب منها أن تغطي العيون والكفين لا تستجيب، و تدعي بأنها لا تطيق ذلك حيث إن هذا الموضوع يؤرقني. ومن جهة أخرى كل مرة تمنن علي أنها لبسته من أجلي، وأنها ضحت من أجلي، وأنها لو افترقت عني ستخلعه من أول يوم. مع العلم أنني أحضرت لها فتاوى العلماء بهذا الشأن عشرات المرات وأحضرت لها المحاضرات لكبار أهل العلم بهذا الشأن. فما هو رأي الشرع في هذا الموضوع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا بد أن تعلم أن الحياة الزوجية لا تخلو من الخلافات والمشكلات، وينبغي معالجتها بالحكمة والصبر مع التغاضي ما أمكن عما يمكن التغاضي عنه.
وبخصوص زيارة زوجتك لأهلها فلك منعها من ذلك، ولا يجوز لها الخروج بدون إذنك عند بعض أهل العلم كالحنابلة والشافعية.
ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع للبهوتى الحنبلي : ( وله ) أي الزوج ( منعها ) أي الزوجة ( من الخروج من منزله إلى ما لها منه بد سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما أو حضور جنازة أحدهما أو غير ذلك ) قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة طاعة زوجها : أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها ( ويحرم عليها ) أي الزوجة ( الخروج بلا إذنه ) أي الزوج لأن حق الزوج واجب فلا يجوز تركه بما ليس بواجب. انتهى
وفي أسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعى: وخروجها من منزل زوجها لسفر أو لغيره ولو غصبا بلا إذن منه نشوز لخروجها عن قبضته ولأن له عليها حق الحبس في مقابلة وجوب النفقة. انتهى
وفي حاشية إعانة الطالبين لأبي بكر الدمياطي الشافعي أيضا : وحاصله أنه إذا كان الزوج غائبا وخرجت بلا إذنه لعيادة أو زيارة قريب ولم يمنعها أو يرسل إليها به لم يكن نشوزا وإلا عد نشوزا.
وعند المالكية لها الحق في زيارة والديها ـ إن كانت مأمونة ـ كل أسبوع إن كانا قريبين من مكان مسكنها، لا إن كانا بعيدين فلا يقضى على زوجها بتلك الزيارة.
ففي حاشية الدسوقي على شرح الدردير لمختصر خليل : ( قوله ويقضى لها بالزيارة ) أي في الجمعة مرة , والفرض أن والديها بالبلد لا إن بعدوا عنها فلا يقضى لها. انتهى
وفى شرح الخرشى لمختصر خليل: ومقتضى كلام المؤلف أن غير المأمونة لا يقضى عليه بخروجها لزيارة أبويها ولو مع أمينة ونحوه للشيخ كريم الدين. انتهى
وعند الحنفية للزوجة الخروج بغير إذن لحاجة أو لزيارة أهلها إذا لم تقبض مهرها المعجل فإن قبضته فلها الخروج لزيارة أبويها كل أسبوع فقط ففى الدر المختار على المذهب الحنفى : ( و ) لها ( السفر والخروج من بيت زوجها للحاجة ; و ) لها ( زيارة أهلها بلا إذنه ما لم تقبضه ) أي المعجل , فلا تخرج إلا لحق لها أو عليها أو لزيارة أبويها كل جمعة مرة أو المحارم كل سنة. انتهى
وعليه، فإذنك لزوجتك في زيارة أهلها بعد أسبوعين لا يعتبر ظلما لها عند الحنابلة والشافعية خلافا للمالكية والحنفية القائلين بحقها في تلك الزيارة. ونحن ننصحك بمراضاة الزوجة والسماح لها بزيارة أهلها كل أسبوع بالقيود المبينة، ولا تنس أن لك في حسن عشرتها أجرا كبيرا. ولا يحق لزوجتك في زيارة والديها أن تبيت عندهما بدون إذنك.
وقد أحسنت صنعا بحملها على تغطية وجهها بالحجاب لأنه فريضة بالنسبة للمرأة عند خروجها أو بحضور رجل أجنبي منها، ويجب عليها تغطية جميع وجهها إلا العينين ومما يلزمها ستره جميع حاجبيها وما تحت عينها إضافة إلى ستر كفيها لأن الراجح وجوب سترهما كما سبق في الفتوى رقم: 99931، وما أحيل عليه فيها .
ويجب على زوجتك المواظبة على ارتداء الحجاب امتثالا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أخطأت بكونها لا تلبسه إلا طاعة لك وستخلعه إذا افترقتما، فهذا دليل على عدم اقتناعها بوجوبه وعدم الإخلاص في ارتدائه، وأنها لا ترجو الثواب من الله تعالى في ذلك، فعليك تحذيرها من مثل هذا القول، وابذل جهدك في إقناعها بالاستمرار على الحجاب الكامل دائما.
والله أعلم.