إساءة العبد الظن بنفسه.. بين الحُسن والذم

0 198

السؤال

ما حكم من شك في فعل معصية أو شك في إخلاصه ونيته ؟ مثلا شك هل كان كاذبا أم صادقا وتبين العكس. أو شك هل فعل العادة السرية أم أنه كان يحلم؟ أو شك هل كان قاصدا لإغضاب والديه؟ أو شك هل أساء الظن أم أنه كان حسنا؟ هل فعل ذلك مخلصا لله أم أنه وقع الرياء؟ هل قام لإنكار ذلك المنكر إرضاء لله أم أنه أنكره ليراه الآخرون ويقولوا شيئا مدحا كان أو ذما. هل يتوب مما شك في فعله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعبد مأمور بالتوبة إلى الله تعالى في كل حال، وقد علمنا الله تعالى أن نستغفره عقيب الطاعات إشارة إلى ما بها من خلل، فنحن محتاجون أشد الحاجة إلى عفو الله ومغفرته، قال ابن القيم رحمه الله: وبالجملة فهذا حال هذا العبد مع ربه في جميع أعماله فهو يعلم أنه لا يوفي هذا المقام حقه، فهو أبدا إذا سلم من الصلاة استغفر الله ثلاثا، وقال تعالى: وبالأسحار هم يستغفرون  قال الحسن: مدوا الصلاة إلى السحر ثم جلسوا يستغفرون ربهم. وقال تعالى: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم. فأمر سبحانه بالاستغفار بعد الوقوف بعرفة والمزدلفة، وشرع للمتوضئ أن يقول بعد وضوئه اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فهذه توبة بعد الوضوء، وتوبة بعد الحج، وتوبة بعد الصلاة، وتوبة بعد قيام الليل. فصاحب هذا المقام مضطر إلى التوبة والاستغفار كما تبين فهو لا يزال مستغفرا تائبا، وكلما كثرت طاعاته كثرت توبته واستغفاره. انتهى.

 فإذا علمت هذا، وعلمت أن العبد مفتقر إلى التوبة إلى الله أبدا، فاعلم أن من شك في فعل معصية فالأصل أنه لم يفعلها، ولا ينبغي أن يفتح العبد على نفسه باب الوسوسة في هذا الشأن وغيره وإلا تكدر عيشه وتنغص.

 وأما الإخلاص فإن العبد مأمور بتحصيله لقوله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين {البينة:5}. ولغير ذلك من الأدلة.

 وإساءة العبد الظن بنفسه واتهامها بعدم تكميل الإخلاص أمر حسن إذا كان يقود إلى تكميل الإخلاص ومراقبة القلب، واستخراج آفات العمل والتيقظ لكيد الشيطان ومكره. وأما إذا وصل ذلك إلى حد الخوف المقعد عن الأعمال والمثبط عنها فهو خوف مذموم لا ينبغي الانسياق وراءه، ثم العلم بحقيقة الحال، وهل كان العمل خالصا مستجمعا لشروط القبول أو لا مرده إلى الله تعالى، والعبد يرجو ويخاف، يرجو ربه ويخاف غائلة نفسه الأمارة بالسوء، ولبيان متى يكون الخوف من الرياء مذموما ومتى يكون محمودا انظر الفتوى رقم: 117814.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات