السؤال
لو امرأة اعتمرت وطافت بدون وضوء ثم تم عقد نكاحها بعدها بعدة سنوات وهى لم تعلم أنها لا تزال محرمة لأنها أخطأت فى ذلك، ثم طلقت طلقة واحدة، ثم علمت بعد ذلك الخطأ الذى حدث فى العمرة فهل لو رجعت لزوجها بعقد جديد ومهر جديد لانقضاء العدة ترجع وباقي لها طلقتان فقط بالرغم من أن عقد نكاحها الأول كان فاسدا لأنها لا تزال محرمة، علما بأن زوجها السابق لم يكن يعلم شيئا عن أنها طافت بدون وضوء وعقد عليها باعتبار أنها تحللت، ولا يعلم ذلك أيضا حين طلقها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت نريد أولا التنبيه إلى أن أهل العلم قد اختلفوا في اشتراط الطهارة للطواف، فذهب إلى اشتراطها جمهورهم من المالكية والشافعية والحنابلة في رواية لهم. وبناء على ذلك فتعتبر تلك المرأة باقية على إحرامها حتى ترجع إلى مكة وتطوف على طهارة، ونكاحها فاسد لتلبسها بالإحرام، ولا يجوز لها أن تعود لزوجها السابق أو تتزوج غيره قبل التحلل من عمرتها، وما أقدمت عليه من محظورات الإحرام قبل تحللها، سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 14023.
وعند الحنفية وعلى رواية للحنابلة وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية أن الطواف لا تشترط له الطهارة، وبالتالي فالنكاح صحيح، ويكفي تلك المرأة ذبح شاة أو بدنة توزع على فقراء الحرم وبإمكانها توكيل ثقة ينوب عنها في ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11284، والفتوى رقم: 77536.
أما الطلاق الحاصل في هذا النكاح فإنه نافذ ومحسوب من الطلقات لأن النكاح إما أن يكون صحيحا أو لا، فعلى القول بصحته فلا إشكال في نفاذ الطلاق، وعلى القول بفساده فالطلاق يقع عند كثير من أهل العلم في النكاح المختلف في فساده، وهذا النكاح مختلف فيه من وجهين: الوجه الأول: أن المرأة لم تعد محرمة في رأي بعض أهل العلم، والوجه الثاني: أن نكاح المحرم من المختلف في صحته وإن كان الجمهور على فساده.. قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز تزويج المحرم أيضا. روي ذلك عن عمر وابنه وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأجاز ذلك كله ابن عباس وهو قول أبي حنيفة، لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم. متفق عليه. ولأنه عقد يملك به الاستمتاع فلا يحرمه الإحرام. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 59844.
والله أعلم.