من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وحلف يمينا غموسا هل له توبة

0 253

السؤال

كنت عاصيا لله وتبت، ولكن ما فعلته ليس بالأمر السهل، فقد كذبت على الرسول صلى الله عليه وسلم وحلفت يمينا غموسا، فهل لي من توبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم حرام، وهو من أكبر الكبائر بإجماع المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.

أخرجه البخاري ومسلم.

قال الإمام النووي في شرح مسلم: إن تعمد وضع الحديث حرام بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع. انتهى.

قال المناوي في فيض القدير: هذا وعيد شديد يفيد أن الكذب عليه من أكبر الكبائر، بل عده بعضهم من الكفر قال الذهبي: وتعمد الكذب عليه من أكبر الكبائر، بل عده بعضهم من الكفر، وتعمد الكذب على الله ورسوله في تحريم حلال، أو عكسه كفر محض.

انتهى.

كما أن اليمين الغموس من الكبائر، وسميت كذلك، لأنها تغمس صاحبها في الإثم، أو في النار ـ والعياذ بالله ـ ففي صحيح البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس.

والواجب على من وقع في اليمين الغموس أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ولا كفارة لها إلا ذلك عند جمهور أهل العلم، وذهب الشافعية إلى وجوب كفارة يمين مع التوبة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وبه قال ابن حزم والكفارة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ـ ولا شك أن هذا القول أحوط.

واعلم أن التوبة النصوح تمحو الذنوب، كما قال تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى. { طه: 82 }.

وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم.

{ الزمر: 53 }.

وقال تعالى: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون.

{ آل عمران: 135 }.

وقال صلى الله عليه وسلم  فيما يرويه عن رب العزة جل وعلا في الحديث القدسي : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة.

رواه الترمذي وقال: حديث حسن ـ وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

وفي رواية: الندم توبة.

رواه ابن ماجه وغيره، وحسنه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون.

رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.

وقال الإمام ابن رجب الحنبلي: فذنوب العباد وإن عظمت، فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم، فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته، وفي صحيح الحاكم عن جابر: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: واذنوباه واذنوباه ـ مرتين، أو ثلاثا ـ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي، فقالها: ثم قال له: عد فعاد، ثم قال له: عد فعاد، فقال له: قم فقد غفر الله لك.

وفي هذا يقول بعضهم:

يا كبير الذنب عفو الله من ذنبك أكبر    أعظم الأشياء في جنب عفو الله يصغر.

انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات