مدى وجوب بيان العيوب التي لا تثبت حق فسخ النكاح

0 309

السؤال

إذا ذهب شخص لشراء سلعة ما ـ مثل جهاز راديو ـ فإن من المؤكد أن البائع سيظهر الراديو بأحلى صورته الخارجية ليجذبه وهنا قبل شرائه عليه أن يسأل البائع عن الراديو من الداخل من حيث جودة القطع التي تطيل عمر الجهاز أو لا، والبائع يجب أن يكون أمينا، فما حكم الشرع في البائع إذا تعمد أن يخبئ عن المشتري مواصفات الراديو من الداخل التي ظهرت بعد أن تم عقد البيع وبدأت رحلة عذاب المشتري مع الراديو لكون البائع غشه، والمشكلة عدم قدرة المشتري على إعادة الراديو لظروف قاهرة بداخله واعتبارات غير دنيوية بعيدة عن الأنانية تطالبه بعدم النظر إلى راحته النفسية والإبقاء على الراديو مراعيا أولاده الذين سيتضررون إن أعاد الراديو، وإن كان جوابكم نعم سيعاقبه الله على تعمد غشه فاسمح لي بطرح سؤالي الأساسي بتبديل المشتري بالرجل المتقدم لخطبة فتاة والراديو هو الفتاة التي أتى الرجل لخطبتها والبائع هم أهل الفتاة وتشترك هي معهم لكونها مطالبة بأمانتها بتوضيح مواصفاتها الداخلية، فمواصفاتها الخارجية لماعة من حيث اللبس المتستر والعبادات العميقة وحفظ القرآن والمستوى الدراسي إضافة لجمال الوجه الخارجي، فهذه الصفات التي لمعت للخاطب في فترة الخطبة ومع أن الخاطب استفسر منها ومن أهلها ثم إنه حصل بينه وبينها أثناء الخطبة مواقف تبين للخاطب مواصفات الفتاة الداخلية الأساسية له مثل السلوك والطباع وضوابط حسن التعامل مع الزوج، إلا أن براعة وخبرة الفتاة وأهلها وحنكتها جعلت الفتاة تتمسك بطباعها المخفية وتعكس للخاطب تصرفات وردات فعل مما يطمئنه بأن أموره مع الفتاة بعد الزواج ستكون سليمة ويستطيع العيش معها، وبعد الزواج بدأ هذا التمسك بالطباع وردود أفعالها مع الزوج والذي ضغطت الفتاة على نفسها أثناء الخطبة ضغطا أبدعت فيه بأن يظهر على حقيقته وبشكل تدريجي أيضا وهنا الزوج لا يستطيع أن يترك ويطلق هذه الزوجة على ما صدم منها من غش في طباعها وسلوكها وردات فعل بعيدة جدا عن عباداتها العالية مع الله، لا يستطيع الزوج أن يكون أنانيا ويطلقها لأسباب ربانية وليست دنيوية أنانية فكانت هذه الأسباب منذ البداية هي الصبر عليها لربما ذوقا تجد أن زوجها لم يتخل عنها، أو يعيرها بمقارنتها، أو يغيظها بأخرى، أو يهددها بالزواج بأخرى فصبر، إلا أنها بعد الإنجاب أظهرت الطباع الأكثر حدة والسلوك القاتل للحب والعشرة وحرمان الزوج من أهم شيء أعطاه الله له ويحب أن يراه في زوجته تستنتجونها أنتم عندما أذكر لكم طباعها رغم مميزاتها الكثيرة التي لا تلغي الأساسيات وعدم رغبته بأن يكون أنانيا على حساب تشرد بناته الصغيرات وخصوصا أن أمهم ما أكثر ما فضلت أنانيتها على حساب بناتها بطلب الطلاق كثيرا للتخلص من تبعات الزواج وعصبية زوجها الذي يعتبر ناتجا عن سلوكها وطباعها المؤلم له وخصوصا أنه شعر بأنه قد غش تعمدا أثناء خطبته لها، فهل ستحاسب يوم القيامة هذه الفتاة وأهلها على غشها لزوجها بتخبئتها لطباعها وسلوكها السيء الذي لا مكان له بالعيش مع الأسرة التي وضع الله لها شعار السكن والطمأنينة، وطبعا ستسألني ما هي طباعها؟ إنها عدم احترام طلبات الزوج بالإهمال عكس طلباتها والحرد المتكرر طويل المدة على أي شيء إن لم يتحقق لها ولو كان السبب تعسير رباني رغم دلاله لها بالغزل وماديا عند التيسر الرباني، وإذا صادف نادرا وعارض الزوج شيئا مرة زوجته على تنفيذ لها، شيء يراه هو عكس ما ترغب، لكونه رب أسرة ومسؤول عن استقرار البيت، فيظهر تمردها بعمل عكس ما يطلب الزوج، والنشوز أحيانا أخرى تحت شعارات دنيوية لا تعكس صاحبتها عنما تتمتع به من عبادات مرتفعة مثل: أنا لي شخصيتي المستقلة وإذا لم أقتنع بما تطلبه مني فلا أنفذ إلا ما أريد، والاسترجال ونبرة حادة فيها التحدي والتسلط في الجدال الأناني بدل النقاش الموضوعي، ثم عدم تفهمها للعسر النادر من الناحية المادية، رغم كرم ربنا على الزوج ماديا أكثر وأكثر وصرف هذه النعم على الزوجة وبناتنا رغم الكم الهائل الذي لديها فتنفجر الدنيا تحت شعار أنه من حقها ضاربة عرض الحائط أن هناك تعسير رباني وليس بخلا من الزوج وإن توقف عن جلب الخادمة، والتي يجلبها ثلاث مرات أسبوعيا محبة منه لها لتنظيف البيت عنها، فإن النكد والنكران على أفضال الزوج هو رد فعلها، وإذا غضب الزوج بأن صرخ ليدافع عن نفسه ضد نكرانها فإنها لا تقدر بأن زوجها قد استفز منها بسبب نكرانها فتنفجر بفجور وتنادي أهلها كأن الزوج ظالم وهي مسكينة تحملت الكثير منه وما أشطرها في التعبير على أنها مغلوب على أمرها وتطلب الطلاق، وكل ما ذكرته في طباعها وسلوكها لم تظهرها هي له بالخطبة، فهل يعتبر هذا غش ستحاسب عليه يوم القيامة؟ ملاحظة: لا تقول ربما لأسباب من الزوج تزعجها فتعكس ذلك بسلوكها حاول البحث عن الأسباب لا يوجد أسباب غير ما ذكرته بسبب أنانيتها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجب على الخاطب، أو المخطوبة ذكر ما فيهما من مساوئ، أو إظهارها، إلا إذا كانت من العيوب التي يتعذر معها الوطء، أو الأمراض المنفرة، أو المعدية، كالبرص والجذام ونحو ذلك، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 53843.

بل نص بعض العلماء على أن الرجل إذا سئل عن نفسه فلا يجب عليه بيان العيوب التي لا تثبت حق الفسخ وإنما يستحب ذلك له، جاء في حاشية الجمل على المنهج: قال البارزي: ولو استشير في أمر نفسه في النكاح فإن كان فيه ما يثبت الخيار فيه وجب ذكره للزوجة، وإن كان فيه ما يقلل الرغبة فيه ولا يثبت الخيار ـ كسوء الخلق والشح ـ استحب، وإن كان فيه شيء من المعاصي وجب عليه التوبة في الحال وستر نفسه.

وعلى ذلك، فما تذكره من كتمان زوجتك بعض عيوبها ليس من الغش الذي تأثم عليه، على أنه ينبغي التنبه إلى أن الإنسان قد يخفى عليه عيب نفسه وقد يرى في غيره عيبا وليس بعيب.

والذي ننصحك به أن تعاشر زوجتك بالمعروف وتتعامل معها بالحكمة، مع مراعاة طبيعة المرأة التي وصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: واستوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج استوصوا بالنساء خيرا. متفق عليه.

واعلم أن حصول المودة والتفاهم بين الزوجين يحتاج إلى الصبر وإلى التجاوز عن بعض الأخطاء والتغاضي عن الزلات والهفوات، والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر.

وللفائدة راجع الفتوى رقم: 5291.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة