السؤال
الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجتان، وخمسة أبناء، وخمس بنات.
علما بأن الزكاة وجبت في ماله ولم يخرجها ولم يحج مع استطاعته ماديا ولم يحج عنه أحد وعليه ديون وكان لا يصلي، وإحدى البنات يوجد لديها ضمور في الدماغ، ودماغها لا ينمو وأمها لا تزال حية، ولكنها كانت طالقا قبل الوفاة، فهل تكون الوصاية على البنت للأم أم لإخوتها؟ وفي حال وفاة الأم، فهل تكون الوصاية للإخوة؟ علما بأنهم إخوتها من الأب.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء إن كون الرجل تاركا للصلاة، إن كان تاركا لها عن جحود فهو كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة ولا يرثه أقاربه المسلمون، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر. متفق عليه.
فيكون مرتدا بجحد الصلاة, ويكون ماله حينئذ فيئا يصرف فيما يصرف فيه مال بيت مال المسلمين في قول جمهور أهل العلم, جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في مال المرتد إذا قتل، أو مات على الردة على ثلاثة أقوال:
أ - أن جميع ماله يكون فيئا لبيت المال، وهذا قول مالك والشافعي وأحمد.
ب - أن يكون ماله لورثته من المسلمين ـ سواء اكتسبه في إسلامه، أو ردته ـ وهذا قول أبي يوسف ومحمد.
ج - أن ما اكتسبه في حال إسلامه لورثته من المسلمين، وما اكتسبه في حال ردته لبيت المال، وهذا قول أبي حنيفة. اهـ.
وأما إن كان تاركا لها كسلا وليس جحودا فهو مسلم في قول جمهورأهل العلم ويرثه أقاربه المسلمون, وذهب بعض أهل العلم إلى أنه كافر كفرا أكبر، وانظر الفتوى رقم: 105999، عن ميراث من لا يصلي.
وعلى القول بإسلامه فيجب أولا أن تخرج من تركته الزكاة الواجبة في ماله والديون وما يحج به عنه، لأن هذه مقدمة على حق الورثة في المال فيخرجون تلك الحقوق ثم يقتسم الورثة الباقي إن بقي لهم شيء, وإن ضاقت التركة عن الجمع بين سداد دين الآدمي، والدين الذي لله فقد تعددت أقوال الفقهاء في أيهما يقدم أحق الله تعالى؟ أم حق العباد؟ وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى رقم: 135663، فراجعها.
والمرأة المطلقة قبل وفاة زوجها ليس لها شيء من الميراث، إلا إذا كان الطلاق رجعيا ومات وهي في العدة أو طلقها في مرضه المخوف متهما بقصد حرمانها من الميراث فإنها ترث حينئذ.
والبنت المتخلفة عقليا لها حق في الميراث ولا يسقط حقها لأجل مرضها, والوصي عليها بعد والدها جدها لأبيها إن كان، وإلا فوصي أبيها إن كان، وإلا فالحاكم, والكثير من أهل العلم لا يرون ولاية للجد على المال ما لم يوص، وليس لأمها ولا لإخوتها ولاية عليها إلا من أوصى له الأب منهم بذلك, أو أقامه الحاكم عليه، وانظر الفتوى رقم: 28545عن أقوال الفقهاء فيمن من يتولى أموال القاصرين والعاجزين.
وإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر، فإن لزوجتيه الثمن ـ فرضا ـ بينهما بالسوية، لوجود الفرع الوارث, قال تعالى: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين. {النساء: 12}.
والباقي للأبناء والبنات ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين. {النساء: 11}.
فتقسم التركة على مائتين وأربعين سهما: للزوجتين ثمنها, ثلاثون سهما, لكل واحدة منهن خمسة عشر، ولكل ابن ثمانية وعشرون سهما, ولكل بنت أربعة عشر سهما, وفي حالة ما إذا كانت إحدى الزوجتين هي المطلقة التي لا ترث، فإن الثمن كله تأخذه الزوجة الأخرى التي ترث.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذا ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.