السؤال
عمي أشرك أبي في سنتر دروس خصوصية مقابل مبلغ كبير منذ 10 أعوام ثم طمع عمي في المكسب له وقال لأبي يجب فض الشراكة وإعطاؤه نصيبه فاضطر أبي للموافقة وخرج مقابل ورقة ولم يستطع عمي سداد المبغ كله فسدد جزءا صغيرا خلال بضعة أعوام, واستمر أبي في الإلحاح وأنه محتاج إلى هذا المبلغ، وأدخله مرة أخرى في مشروع بناء عمارة مقابل نسبة من بيع الشقق وتكرر الطمع مرة أخرى ولم يلتزم بسداد أي جزء حيث إنه أراد مبلغا كبيرا لعمل مطعم ولم يسدد المبلغ لأبي وخسر في مشروع المطعم كل شيء، والسؤال هو: أنه خلال 10 أعوام قام بتزويج أولاده الثلاثة وبأحسن جهاز مثل ما يقال وقام بتعليم ابنته الصغرى في جامعة خاصة بمصاريف باهظة وشراء سيارات من أحدث الموديلات، فهل يجوز هذا قبل سداد الدين؟ وماذا يستطيع أبي فعله؟ فهو لا يستطيع تعويض شقى عمره، ونحن نحتاج هذا المبلغ، وإخواتي رجال يحتاجون إلى إمكانيات وشقق للزواج، علما بأننا أدخلنا وسطاء دون جدوى فلم يسدد شيئا، لأنه مديون لأناس آخرين وأبي لن يبلغ عنه، أو يرفع عليه قضية.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في إساءة مثل هذا العم في مماطلته في قضاء دين أخيه رغم إلحاحه في الطلب، في حين أنه أنفق نفقات كثيرة غير واجبة على نفسه وعلى أولاده، من غير ضرورة ولا حاجة ملحة، وهذا من الظلم والتفريط المحرم، وقد نص أهل العلم على أن الحاكم له أن يعزر المدين القادر على السداد بمنعه من فضول الطعام، فما بالنا بالإسراف في أمور كمالية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: لو كان قادرا على أداء الدين وامتنع ورأى الحاكم منعه من فضول الأكل والنكاح فله ذلك، إذ التعزير لا يختص بنوع معين، وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم في نوعه وقدره إذا لم يتعد حدود الله، ومن ضاق ماله عن ديونه صار محجورا عليه بغير حكم حاكم بالحجر. اهـ.
وراجعي للفائدة عن ذلك الفتوى رقم: 75947.
وجاء في الموسوعة الفقهية: مطل المدين الموسر القادر على قضاء الدين بلا عذر وذلك بعد مطالبة صاحب الحق، فإنه حرام شرعا، ومن كبائر الإثم، ومن الظلم الموجب للعقوبة الحاملة على الوفاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم ـ قال ابن حجر: المعنى أنه من الظلم، وأطلق ذلك للمبالغة في التنفير من المطل.
وقال ابن العربي: مطل الغني ظلم ـ إذا كان واجدا لجنس الحق الذي عليه في تأخير ساعة يمكنه فيها الأداء. وقال الباجي: وإذا كان غنيا فمطل بما قد استحق عليه تسليمه فقد ظلم.
قال ابن القيم: ولا نزاع بين العلماء في أن من وجب عليه حق من عين، أو دين، وهو قادر على أدائه وامتنع منه أنه يعاقب حتى يؤديه. اهـ.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 125428.
وما دام الوالد لن يقاضي أخاه مطالبة بدينه، ولم يجد الوسطاء في ذلك نفعا، فليصبر وليحتسب، خاصة والمفهوم من السؤال أن هذا العم صار معسرا ومدينا لأناس آخرين، وفي إنظار المعسر والوضع عنه أجر عظيم، وراجعي فيه الفتوى رقم:
95600.
والله أعلم.