السؤال
ما معنى الحديث الشريف: من تتبع عورات الناس إلى آخر الحديث؟؟
هل دخول المنتديات الإباحية ومشاهدة الصور من تتبع العورات حتى وإن كانت الصور والأفلام موجودة برضا من أصحابها؟؟؟
ولقد أذنبت ذنبا عظيما أرجو المغفرة من ربي.
أرسلت صورا لشباب تعرفت إليهم وهذه الصور إما لوجهي وإما لجسدي وهو عاري.
جسمي يقشعر كلما تذكرت ما فعلته وأسأل نفسي لماذا فعلت ذلك؟؟؟فأنا لم أكن هكذا؟؟؟أقسم بأني لم أجد جوابا لما فعلته.غير أني كنت مسيرة.وأتمنى لو يعود الزمان للوراء لما سمحت لنفسي بالتعرف إلى أي رجل.
وكل خوفي من الذنب إن تبت أنا ومازالت صوري معهم أو حتى وإن تم حذفها من قبلهم.لكن تبقى في ذاكرتهم ويتخيلونها.
وإن استغل أحدهم صوري ووضعها في موقع مخل والكل يتفرج عليها فالذنوب سوف تكون علي.
التفكير بأن أفضح يرعبني لكن الذنب يخيفني .
أشعر بخوف من عذاب الآخرة والفضيحة في الدنيا.وكل هذا يسبب لي اليأس.والوساوس تسيطر علي.
فهل لي من مغفرة؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الحديث رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع، فقال: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. وقال الترمذي حسن غريب، ورواه أبو داود عن أبي برزة بقريب من هذا اللفظ. وتتبع عورات المسلمين يكون بالتجسس عليهم وكشف ما ستروه من عيوبهم، وأما من جاهر بالمعصية وفضح نفسه بنفسه فليس داخلا في هذا الحديث.
قال القاري في المرقاة: لا تؤذوا المسلمين أي: الكاملين في الإسلام، وهم الذين أسلموا بلسانهم وآمنوا بقلوبهم، ولا تعيروهم من التعيير وهو التوبيخ والتعييب على ذنب سبق لهم من قديم العهد، سواء على توبتهم منه أم لا. وأما التعيير في حال المباشرة أو بعيده قبل ظهور التوبة، فواجب لمن قدر عليه، وربما يجب الحد أو التعزير، فهو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا تتبعوا: من باب الافتعال أي لا تجسسوا عوراتهم فيما تجهلونها ولا تكشفوها فما تعرفونها فإنه أي: الشأن من يتبع: بتشديد التاء مجزوما، وقيل مرفوعا. أي من يطلب عورة أخيه أي: ظهور عيب أخيه المسلم أي: الكامل بخلاف الفاسق، فإنه يجب الحذر والتحذير عنه يتبع الله عورته ذكره على سبيل المشاكلة أي: يكشف عيوبه، ومن أقبحها من تتبع عورة الأخ المسلم وهذا في الآخرة ومن تتبع الله عورته يفضحه: من فضح كمنع أي يكشف مساويه ولو في جوف رحله أي لو كان في وسط منزله مخفيا من الناس قال تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. انتهى.
فإذا علمت هذا فإن النظر إلى صور من ذكر في السؤال ليس داخلا في هذا الحديث ولكنه محرم من جهة أخرى وهي ما فيه من إطلاق البصر إلى ما حرم الله تعالى، فإن النظر إلى العورات مما تكاثرت النصوص دالة على منعه، وحسب المسلم في ذلك قوله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم {النور: 30}. ثم قال: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون {النور: 31}. وأما ما صدر منك فيما مضى فإنك قد أسأت إساءة عظيمة وفرطت تفريطا بالغا، ويجب عليك أن تتوبي إلى الله توبة نصوحا مستوفية لشروطها من الندم على الذنب والإقلاع عنه وعدم العودة إليه، فإذا تبت وصدقت توبتك واستوفت شروطها وأركانها فإن الله تعالى يقبل توبتك ويغفر زلتك ويعفو عنك بمنه، فإنه تعالى قد وعد المذنبين مهما عظمت ذنوبهم بأن يغفر لهم إذا تابوا إليه توبة صادقة، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}. فثقي بمغفرة الله لك وأحسني ظنك به، ولا يضرك وجود هذه الصور مع من أعطيتها إليه ولا نظره إليها أو خطورها بباله، فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، فإذا فعلت ما تقدرين عليه من التوبة والإكثار من الاستغفار والحسنات الماحية فإن ما عدا ذلك مما لا تقدرين عليه لا تؤاخذين به.
واسألي الله تعالى أن يستر عليك وهو سبحانه على كل شيء قدير.
والله أعلم.