حكم صلاة المنفرد خلف الصف، وكيف يفعل لتجنب ذلك

2 916

السؤال

ما هو حكم صلاة الرجل منفردا خلف الصف؟ وهل له أن يسحب أحد المصلين في الصف الذي أمامه أم يصلي منفردا. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فصلاة المنفرد خلف الصفوف دون عذر صحيحة مع الكراهة، وتنتفي الكراهة بوجود العذر، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية، والمالكية، والشافعية، قال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي : ثم الصلاة منفردا خلف الصف إنما تكره إذا وجد فرجة في الصف فأما إذا لم يجد فلا تكره؛ لأن الحال حال العذر، انتهى، وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير وهو مالكي : (و) جاز (صلاة منفرد خلف صف) إن تعسر عليه الدخول فيه وإلا كره ويحصل له فضل الجماعة مطلقا،انتهى، وقال النووي في المجموع وهو شافعي : لو صلى منفردا خلف الصف مع تمكنه من الصف كره وصحت صلاته،انتهى، وذهب الحنابلة إلى أنه تبطل صلاة من صلى وحده ركعة كاملة خلف الصف منفردا دون عذر، لحديث وابصة بن معبد : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن، وصححه الألباني.
وقال الجمهور: يؤخذ من حديث أبي بكرة عدم لزوم الإعادة .
وعليه، فإن الأمر الذي ورد في حديث وابصة بن معبد بالإعادة إنما هو على سبيل الاستحباب، جمعا بين الدليلين.
وأما بيان كيفية تصرف المأموم ليجتنب الصلاة منفردا خلف الصف فهي كما يلي:
من دخل المسجد وقد أقيمت الجماعة، فإن وجد فرجة في الصف الأخير وقف فيها، وإن وجد الفرجة في صف متقدم فله أن يخترق الصفوف ليصل إليها لتقصير المصلين في تركها.
ومن لم يجد فرجة في أي صف فقد اختلف الفقهاء فيما ينبغي أن يفعله حينئذ:
فقال الحنفية: ينبغي أن ينتظر من يدخل المسجد ليصطف معه خلف الصف، فإن لم يجد أحدا وخاف فوات الركعة جذب من الصف إلى نفسه من يعرف منه علما وخلقا، فإن لم يجد وقف خلف الصف بحذاء الإمام ولا كراهة حينئذ، لأن الحال حال العذر، هكذا ذكر الكاساني في بدائع الصنائع .
وقال المالكية: من لم يمكنه الدخول في الصف، فإنه يصلي منفردا عن المأمومين، ولا يجذب أحدا من الصف، وإن جذب أحدا فعلى المجذوب أن لا يطيعه .
والصحيح عند الشافعية:أن من لم يجد فرجة ولا سعة، فإنه يستحب أن يجر إليه شخصا من الصف ليصطف معه، لكن مع مراعاة أن المجرور سيوافقه، وإلا فلا يجر أحدا منعا للفتنة، وإذا جر أحدا فيندب للمجرور أن يساعده لينال فضل المعاونة على البر والتقوى .
وقال الحنابلة: من لم يجد موضعا في الصف يقف فيه وقف عن يمين الإمام إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه الوقوف عن يمين الإمام فله أن ينبه رجلا من الصف ليقف معه، وينبهه بكلام أو بنحنحة أو إشارة، ويتبعه من ينبهه ويكره عندهم تنبيهه بجذبه،  قال البهوتي مبينا مذهب الحنابلة في كتابه شرح منتهى الإرادات : وإن لم يجد فرجة ووجد الصف مرصوصا (فعن يمين الإمام) يقف إن أمكنه لأنه موقف الواحد (فإن لم يمكنه) الوقوف عن يمين الإمام (فله أن ينبه بنحنحة، أو كلام) كقوله: ليتأخر أحدكم أكون معه صفا ونحوه (أو) ينبه ب (إشارة من يقوم معه) صفا ليتمكن من الاقتداء (ويتبعه) أي: يلزم المنبه أن يتأخر ليقف معه لأن الواجب لا يتم إلا به (وكره) تنبيهه ب (جذبه) نصا، لأنه تصرف فيه بغير إذنه، وعبده وابنه كأجنبي ولم يحرم، بل صحح في المغني جوازه لدعاء الحاجة إليه، كسجود على ظهر إنسان، أو قدمه لزحام، انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة