السؤال
هل يجوز لي أن أدعو الله بنزع الغل من صدور المؤمنين والمؤمنات؟ بصراحة فيه شخص جادلني في صيغة الدعاء وقال لي إن المؤمن لا يكون في قلبه غل، ولكن الأفضل أن أقول انزع الغل من قلوب المسلمين، فأنا أعلم أن المؤمن يجب أن يكون قلبه نقيا، ولكنني قرأت أن الإيمان درجات وليس شرطا كي أصبح مؤمنا أن يخلو قلبي تماما من أي خلق مذموم ويكفيني أن أؤمن بالله وملائكته ورسله إلخ، وأن من ضمن الحلول للنفس البشرية كي تصل لدرجة عالية من الإيمان هو الدعاء لها بنزع الغل على سبيل المثال، ولكن هذا الشخص قال لي إنه طالما في قلوبهم غل وإن كان ذرة فهم أقرب إلى النفاق إذن فهم ليسوا مؤمنين،، فأنا محتارة جدا في فهم هذا الأمر، أفيدوني مع التوضيح بدقة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز لك أن تدعو بأن ينزع الله سبحانه الغل من قلوب المؤمنين والمؤمنات ووجود الغل في القلب لا ينافي وجود الإيمان، بل ينافي كماله, والدليل على اجتماع الإيمان والغل في قلب المؤمن قوله تعالى:
الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون {الأعراف: 42ـ 43}
فأثبت لهم الإيمان في أول الآية وأثبت أنه ينزع الغل منهم يوم القيامة والتقدير: وننزع ما في صدورهم من غل يقول الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والتعبير عن المستقبل بلفظ الماضي للتنبيه على تحقق وقوعه أي: وننزع ما في صدورهم من غل، وهو تعبير معروف في القرآن كقوله تعالى: أتى أمر الله. انتهى.
ويقول ـ أيضا: ونزع الغل من قلوب أهل الجنة: هو إزالة ما كان في قلوبهم في الدنيا من الغل عند تلقي ما يسوء من الغير، بحيث طهر الله نفوسهم في حياتها الثانية عن الانفعال بالخواطر الشرية التي منها الغل، فزال ما كان في قلوبهم من غل بعضهم من بعض في الدنيا، أي أزال ما كان حاصلا من غل وأزال طباع الغل التي في النفوس البشرية بحيث لا يخطر في نفوسهم. انتهى.
وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: أي أذهبنا في الجنة ما كان في قلوبهم من الغل في الدنيا. انتهى.
والله أعلم.