الابن العاق هل يحرم من الميراث بسبب عقوقه

0 301

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
۞-للميت ورثة من الرجال : (ابن) العدد 7
۞-للميت ورثة من النساء : (زوجة) العدد 1
۞- معلومات عن ديون على الميت : (وجبت الزكاة في ماله ولم يخرجها)
۞- إضافات أخرى : هذا الميت هو أبي، في حياته له سكن كبير باسمه، اشترى لثلاثة من أولاده 3 سكنات، كل سكن باسم كل واحد منهم، وفي نيته شراء سكنين لاثنين من الأربعة المتبقين، لأن الابن الأكبر لا يقبله أبي وهو بعيد عنا (أمه مطلقة منذ زمن بعيد ويسكن في مدينة أخرى)، الثاني شقيقنا الأكبر كان فظا مع أبي وقام بخصامه ولم يكلمه منذ7 سنوات حيث يقول هذا الأبن إننا كنا نحن السبب في هذا الخصام (مات أبي وهو غاضب منه، ماذا يفعل إذا)، السؤال: هل للورثة الحق في الأربع سكنات أو الأم والأربعة أخوة المتبقين الذين لم يكن لهم الحظ في امتلاك سكن، إلا الحق في السكن الكبير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء يجب على الورثة أن يخرجوا الزكاة من التركة قبل قسمتها بينهم، قال صاحب الروض: ويخرج وصي فوارث فحاكم الواجب كله من دين وحج وغيره كزكاة ونذر وكفارة من كل ماله بعد موته، وإن لم يوص به لقوله تعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين.. انتهى.

وبعد إخراج الزكاة يقسمون ما بقي بينهم القسمة الشرعية، وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجته الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين.. {النساء:12}، والباقي للأبناء السبعة تعصيبا -بينهم بالسوية- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر. متفق عليه. فتقسم التركة على ثمانية أسهم، للزوجة ثمنها سهم واحد فرضا، ولكل ابن سهم واحد تعصيبا.

والابن العاق لأبيه يرث، ولا يجوز أن يحرم حقه في الميراث لأجل عقوقه؛ لأنه يرث بسبب النسب لا بسبب البر، وتلزمه التوبة إلى الله تعالى؛ لأن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر والعياذ بالله، ويمكنه أن يكون بارا بأبيه بعد مماته، وذلك بفعل خصال جاء ذكرها في حديث أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه حيث قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من الأنصار فقال يا رسول الله: هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به، قال: نعم خصال أربعة: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما. رواه أبو داود وابن حبان والبيهقي وأحمد واللفظ له. ومعنى الصلاة عليهما أي الدعاء لهما، ومن البر به أيضا أن يتصدق عليه بعد مماته.

وأما البيوت التي اشتراها لثلاثة من أبنائه فلم يذكر السائل الكريم هل اشتراها لهم في حال صحته أم في مرضه المخوف، وهل ملكها إياهم في حياته حال صحته أم في مرضه المخوف، أم مات قبل أن يملكها إياهم، وهل أعطاها لهم عن حاجة أم لا، وكل هذا له تأثير في الجواب، والذي يمكننا قوله باختصار أنه إن ملكها لهم في حياته في غير مرضه المخوف بحيث صاروا يتصرفون فيها تصرف المالك -وليس مجرد كتابة- فهذه هبة قد تمت حيازتها وصحيحة في قول جمهور أهل العلم، وليس لبقية الورثة حق فيها، بل يختص كل ابن بما وهبه له أبوه، وذهب بعض العلماء وهو المفتى به عندنا أنه إذا لم يعط بقية أولاده ذكورا وإناثا ما يتحقق به العدل الواجب على الوالد في العطية، فإن الهبة غير صحيحة، وترد تلك المساكن إلى التركة حتى بعد مماته، وأن حاجة الابن إلى السكن ليست مسوغا لأن يملكه إياه إذ يمكن أن تندفع تلك الحاجة بإسكانه بالأجرة، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 121206، 6242، 103527، 101286.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة