السؤال
سؤالي عن ظاهرة تنتشر كثيرا عندنا .ففي محطات نقل المسافرين في أوقات الأعياد أو المناسبات أو العطل تقل وسائل النقل كالحافلات بسبب الاكتظاظ لنقل الركاب المسافرين، فيعرض بعض الأشخاص على المسافرين نقلهم إلى أماكن إقامتهم بسياراتهم الخاصة بمقابل مالي مضاعف فمثلا اتجاه المسافر يبعد 100 ميل فإن صاحب السيارة يفرض على المسافر دفع أجرة 200 ميل يعني أجرة ذهاب ورجوع . فما رأي الشرع في ذلك وعلى العموم هل استغلال مثل هذه الفرص من طرف البعض لنقل المسافرين في سياراتهم بمقابل مالي دون رخصة نقل من الدولة يعتبر مخالفا للشرع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقوانين التي تفرضها أنظمة الدول لضبط أحوال مواطينها وتنظيم حياتهم وتكون المصلحة فيه عامة ظاهرة وتترتب على مخالفتها مفسدة عامة ظاهرة. فهذه يجب التزامها ظاهرا وباطنا .
ومنها ما يجب التزامه ظاهرا فقط ولا تحرم مخالفته باطنا وهو ما كانت المصلحة فيه غير ظاهرة فيجب التزامه ظاهرا فقط
لئلا يعرض الإنسان نفسه للمساءلة والعقوبة، ولا تحرم مخالفته باطنا سيما عند الحاجة إليه لقلة وسائل النقل أو ازدحام الناس ونحوه، وربما يكون لبعضهم حاجات مستعجلة ومصالح تفوت بالتأخر والانتظار.
وقد جاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية ما يلي: ... نعم الذي يظهر أن ما أمر به (أي الحاكم) مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا (يعني خشية الضرر أو الفتنة) فقط بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا. انتهى.
وأما المبالغة في مقدار الأجرة فلا يحرم إذا تراضى عليه الطرفان؛ لكن يكره استغلال حاجة الناس وإرهاقهم بما يشق عليهم مشقة بالغة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للتاجر السمح بالرحمة فقال: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى. رواه مالك في الموطأ عن جابر رضي الله عنه، وبعضه في البخاري. والأجرة أخت البيع في الأحكام غالبا.
والله أعلم .