حرمة الانتفاع بالمال المقتطع ظلما من العمال

0 170

السؤال

سأوجز ما استطعت.. وأرجو أن تجيبوني حيث إني راسلت موقعا لأحد الشيوخ مند مدة، ولكن دون جواب.
أنا شاب تخرجت والحمد لله من مدرسة للمحاسبة، فتم تعييني في وظيفة لإحدى المنظمات الحكومية، والحمد لله لم أجد صعوبة رغم كون العمل يبعد مئات الأميال عن مقر سكن والدي. حينما باشرت العمل اكتشفت أن طريقة توزيع الأغذية للعمال البسطاء غريبة؛ إذ تجد أنهم لا يطبقون المقدار الواجب والمنصوص عليه طبقا للقانون، أي أنها تكون ناقصة مقارنة على ما يجب أن يكون. بالمقابل في الأوراق الإدارية اليومية يتم التسجيل على أن الكميات التي تم إخراجها تستوفي المنصوص عليه تماما، وبذلك لا تتعرض الخيرية لملاحظات أو تفتيش. الأمر الذي يريبك أن الفارق في الأموال غير المخرجة في التغذية يتقاسمه المسؤولون في نهاية كل شهر، وينالني نصيب من ذلك المال من طرف المسؤول الفرعي كعلاوة ربما أو لا أدري؟ رغم أن مهمتي إدارية، ووفق ما هو مطلوب أساسا أي إخراج المواد والعناصر بأوزانها إداريا، ولا أتكلف بالتوزيع، ولا حتى التوسط بين الممون والرؤساء، وبالطرق التي حددتها المسطرة. وليست لي علاقة بالإخراج العملي أي من المخزن إلى أصحاب الحقوق.
شيخنا أطلت عليكم معذرة، لكن هذا الأمر أربك حياتي كثيرا. وإذا ما فكرت أن أغادر إلى مكان آخر، فربما نالني منهم أذى؛ لأن ذلك محاط بسرية. لا أدري هل المال الذي يعطونني حرام أم حلال؟ رغم أنني لا أطلبه شخصيا. وهل يجوز لي أن آكل منه؟ فكرت ذات يوم أن علي رد كل ذلك المال، والتخلص منه لإبراء ذمتي، حسبت ذات مرة فوجدت أنني لن أستطيع حاليا إعادة جمعه، حرت كثيرا لا أريد أن يغضب علي ربي.
مسألة أخرى: أنني أخاف أن يأتي يوم أتولى فيه الرئاسة الفرعية، فأكون المسؤول على الإخراج العملي، وتزيد قيمة ما يعطونني إياه.
رجاء أفيدوني فلي في إجابتكم أمل الخير. ماذا أصنع؟ ادعو لي يا شيخ. لا تنسني في الدعاء كلما تذكرت أن يفرج الله همي وكربتي والمسلمين أجمعين. أنتظر الإجابة رجاء مع الدعاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعدم إخراج الكميات المحددة والتطفيف في كيلها للمستحقين لها منكر، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. وفي رواية: وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

فهذه درجات تغيير المنكر ووسائله، فعليك أن تسعى في تغيير ذلك المنكر بما استطعت، ولو بإعلام الجهات العليا لتتثبت من كيفية التوزيع والقسمة، وتحاسب المسؤولين عن ذلك الجور.

وما يصلك من أولئك المسؤولين من علاوات أوغيرها إن علمت يقينا أوغلب على ظنك كونه من تلك الأشياء المقتطعة من حقوق الضعفاء، فلا يجوز لك الانتفاع به، ويجب عليك أن تصرفه على الفقراء والمساكين. وأما راتبك الذي تتقاضاه عن عملك المشروع فلا حرج عليك في الانتفاع به، وكذلك كل مكافأة أوعلاوة علمت أن مصدرها غير ظلم أولئك المساكين، وليست من حقوقهم التي يتم الاستيلاء عليها دونهم. فلا حرج عليك في الانتفاع بها أيضا. 

ونسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وألا يزيغ قلبك بعد أن هداك، وأن يريك الحق حقا ويرزقك اتباعه، ويريك الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه، ويكفيك بحلاله عن حرامه، ويغنيك بفضله عمن سواه. إنه سميع مجيب.

وللفائدة انظر الفتوى رقم:  74902.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى