توضيح حول حرمة المؤمن وحرمة الكعبة المشرفة

0 419

السؤال

إذا علمنا من السنة الشريفة أن هدم الكعبة أهون عند الله من إراقة دم مسلم بغير حق ونعلم من كتاب الله عز وجل أن الفتنة التي هي الشرك أشد من القتل, فهل هذا يعني أن هدم الكعبة ليس شركا أو كفرا؟ أستغفر الله إن أسأت فهم المراد والفضل لله ثم لكم في تبيان الفهم الصحيح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلعل من المفيد أن نبين سبب نزول هذه الآية، فقد قال أهل العلم: معرفة سبب النزول معينة على التأويل، وسبب نزول الآية هو قتل سرية عبد الله بن جحش لعمرو بن الحضرمي في آخر يوم من رجب الشهر الحرام  فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لهم: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام ـ وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام، وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال وشنعوا بذلك على المسلمين ونشروا ضدهم دعاية ليشوهوا سمعتهم عند العرب، فلما أكثروا في ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ـ أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام  فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به، وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم: والفتنة أكبر من القتل ـ أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل. انظر تفسير ابن كثير وغيره.

ومعنى الفتنة في الأصل: الابتلاء والاختبار، والمقصود بها هنا ـ على أن سبب نزول الآية ما ذكرنا ـ هو ما كان الكفار يفعلونه بالمسلمين لإرجاعهم عن دينهم إلى الكفر والشرك، قال القرطبي: أي شركهم بالله وكفرهم به أعظم جرما وأشد من القتل الذي عيروكم به.

وهو أحد معاني الآية.

وحديث إن المؤمن أعظم حرمة من الكعبة صحيح لغيره، كما قال الألباني، وانظر الفتوى رقم: 68280

وليس معناه التهوين من حرمة الكعبة، أو أن هدمها، أو الإساءة إليها ليس بكفر، بل إن مجرد إرادة الإلحاد في الحرم والظلم فيه توعد الله عليه بالعذاب الأليم فما بالك بمن يريد هدمه، فالمقصود ـ إذن ـ هو تعظيم حرمة المؤمن وتهويل إراقة دمه بغير حق شرعي، فاحترام الكعبة وتعظيمها شيء مستقر في أذهان الناس جميعا مسلمهم وكافرهم، ولكن بعضهم قد يتهاون في حرمة المؤمن، أو عرضه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات