السؤال
سؤالي هو: هل تعتبر موافقة المرأة أو الفتاة ركنا من أركان عقد الزواج؟ فلو فرضنا أن وليها تبادل ألفاظ النكاح مع خاطب لها بوجود شاهدي عدل، ولكنها كانت رافضة تماما لهذا الزواج، فهل يتم العقد؟ من جهة أخرى، لو أن الفتاة كانت صغيرة - وأقصد أنها غير بالغة أو دون سن التمييز- وقام وليها بتبادل ألفاظ النكاح مع شاب خاطب لها وبحضور شهود العدل، فهل يتم هذا العقد؟ علما أن الفتاة غير قادرة بعد على اتخاذ قرار بالقبول أو الرفض بسبب عدم بلوغها سن الرشد؟ وفي حال أن ذلك العقد قد تحققت فيه الأركان، فهل للفتاة أن تبدي رفضها له أو فسخه بعد بلوغها سن الرشد وقبل دخول الزوج بها إذا رأت أن وليها قد زوجها ممن هو غير كفؤ لها أو ممن تنفر منه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في جواز إجبار الأب لابنته البالغة على الزواج، كما اختلفوا أيضا في صحة زواج المجبرة وعدم صحته، والراجح عندنا في المرأة البالغة - بكرا كانت أو ثيبا - أنه يصح ولكنه لا يتم بغير رضاها، فإذا عقد وليها العقد من غير رضاها فلها فسخ النكاح.
أما الصغيرة فقد نقل بعض العلماء الإجماع على جواز تزويجها بغير إذنها بكفئها.
قال ابن قدامة: أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء. اهـ
وقد اختلف هل لها الخيار بعد البلوغ أم لا.
قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها لتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين إلا أن العراقيين قالوا لها الخيار إذا بلغت وأبى ذلك أهل الحجاز ولا حجة مع من جعل لها الخيار عندي. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 130882 ، والفتوى رقم : 195133 .
ويرى بعض الفقهاء ومنهم الشيخ ابن عثيمين عليه رحمه الله أن الصغيرة لا يجوز تزويجها، فيقول في كتابه الشرح الممتع بعد أن ذكر الخلاف في تزويج الصغيرة ووجوب استئذان الكبيرة:
الأصل عدم الجواز؛ لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: لا تنكح البكر حتى تستأذن ، وهذه بكر فلا نزوجها حتى تبلغ السن الذي تكون فيه أهلا للاستئذان، ثم تستأذن .... إلى أن يقول: وهذا القول هو الصواب، أن الأب لا يزوج بنته حتى تبلغ، وإذا بلغت فلا يزوجها حتى ترضى. اهـ
وبهذا يعلم السائل أن هاتين المسألتين فيهما خلاف كبير.
والله أعلم.